هذه ملاحظات سجلتها خلال متابعتي لما تبثه وسائل الإعلام عن تطورات الأوضاع في العراق وبالتحديد ما يظهر تحت عنوان ( خبرات أمنية واستراتيجية) ولاحظت أن بعضها يقف على شاطئ الحدث، ويتهيب السباحة والخوض في الأعماق، ولا يتخطى حديثه الوصف البسيط لمسرح الأحداث، وهو أقرب لعرض حكاية منه إلى التحليل، ويظهر الخبير وكأنّه (حكواتي) يعيد تركيب الرواية الرسمية بطريقة أخرى دون أن يقدم رؤية مهنية متوازنة تساعد المتلقي على فهم ما يحدث من غير تاثير، وفي اعتقادي أن مثل هذا النموذج يمكن الإستعاضة عنه بالبيانات الرسمية وذكاء المراسل، أما التحليل فهو علمٌ وتخصص، وخبرة، ومعلومة، تعززها رؤية استشرافية لمسار الأحداث، والمحلل يخوض في العمق، ويبحث في قدرة الذاكرة الإستراتيجية والتاريخية، والشروط الميدانية، وسياق استخدام القوة، وتجانس الفعل القتالي مع العقيدة العسكرية، وحسابات القوى وأطراف الصراع، المخفي والمعلن، مع استحضار البعد السياسي والتداعيات الأخرى، وعند ذلك يستطيع (الخبير) أن يقدم تحليلا متخصصا جديرا بالمتابعة والإهتمام.. ويجدر الإشارة هنا، إلى أنّ البيئة السياسية والأمنية الحالية لا تساعد على تقديم (تحليل) مهني، متخصص، ومستقل،ومن الملاحظ أن الفترة الأخيرة شهدت إنحسارا واضحا في (علم التحليل المهني) وتراجع (الأصوات الحرّة) لصالح الحكواتي والإعلام المؤدلج والمسيس، وبذلك يفقد (مشروع الإعلام الحر، وحرية التعبير والرأي) أحد أركانه والذي يعدّ حجر الزواية في بنائه المتعثر..
شاهد أيضاً
لا تيأسوا.. بقلم ضياء الوكيل
يا أيّها الناس.. لا تقولوا الوداع، فكلّنا في غدٍ راحلون، (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ)*، وليكن قبري وطنْ.. وقصّةَ موتي ولادة..