حل الدولتين مات…!!! مروان المعشّر
جهود مضنية بذلها المجتمع الدولي والعربي، وضمنهما الأردن، عبر عقود من الزمن، لحل النزاع العربي-الإسرائيلي بناءً على مبدأ حل الدولتين، والقائم فعلياً على مبدأ الفصل الجغرافي بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على أساس حدود العام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية، ودولة إسرائيلية في بقية فلسطين التاريخية.
اليوم، يجب أن يكون واضحاً أن هذا الحل غير قابل للتنفيذ، حتى إن توفرت النية لدى الجانب الإسرائيلي للانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهي غير متوفرة كما أعلن بنيامين نتنياهو صراحة؛ ذلك أن الفصل بين الجانبين بوجود أكثر من 550 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس، غير ممكن. كما أن هذا الحل المبني على الجغرافيا، لا يعطي أي أمل لفلسطينيي الشتات بالعودة إلى ديارهم داخل الخط الأخضر، ولو بأعداد قليلة، ولذا فإن قبوله من فلسطينيي الشتات سيكون صعباً للغاية. إضافة لذلك، فإن هذا الحل سيترك فلسطينيي الداخل في وضع أصعب من الوضع الحالي، بإصرار إسرائيل على يهودية الدولة، أي النقاء الديني العنصري الإقصائي.
موت حل الدولتين أصبح حقيقة لدى كل مطلع على حقيقة الوضع على الأرض. فيتشارك هذا الرأي أكاديميون وسياسيون من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما في ذلك أعضاء من المجلس التشريعي الفلسطيني والكنيست، وغيرهم الكثير الكثير من المجتمع الدولي. وقد عقدت حتى الآن عشرات المؤتمرات واللقاءات بين الجانبين، تعترف بهذه الحقيقة وتحاول البحث عن بدائل أخرى. وأغلب هذه البدائل تركز على حل مبني على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتساوية للجانبين، بدلاً من حل مبني على الفصل الجغرافي. ولذا، يتم الحديث اليوم وراء الكواليس عن الدولة الواحدة لمواطنيها كافة، أو عن حل كونفدرالي لدولتين كل منهما ثنائية القومية. بهذا، يصبح الكلام عن ممارسة حق العودة، بشكل من الأشكال مثلاً، أسهل؛ لأنه لا يعتمد على الفصل الجغرافي.
بطبيعة الحال، كل الخيارات البديلة صعبة أيضاً، إلا أن صعوبتها تسهل أمام استحالة تطبيق حل الدولتين اليوم. لكن أين نحن من هذا كله؟
الجامعة العربية مشلولة، وغير قادرة أو راغبة في الخروج من إطار المبادرة العربية للسلام التي كان لي شرف الإسهام فيها، لكن بات واضحاً استحالة تطبيقها اليوم. والموقف الرسمي الأردني ما يزال محصوراً في الحديث عن حل الدولتين، وكأن هناك طرفا إسرائيليا جاهزا للحديث حوله.
جلالة الملك عبدالله الثاني استشرف هذا الوضع قبل عدة سنوات، لدى نشره كتابه “فرصتنا الأخيرة”. الكتاب نشر قبل أربع سنوات، وبات واضحاً اليوم أن هذه الفرصة ضاعت. وكون حل الدولتين هو الأمثل للأردن، لأنه يضيّع على إسرائيل محاولاتها لإيجاد حل على حساب هذا البلد، لا يعني أن هذا الحل سيتحقق. وبالتالي، هناك حاجة ماسة اليوم للاعتراف بالواقع الجديد، وإيجاد مطبخ لدراسة الخيارات الأخرى من الوجوه كافة، وأثرها على الأردن، ثم تبنّي سياسات جديدة لمجابهة أي أخطار من إسرائيل التي ما فتئت تحاول إيجاد حلول على حساب الأردن.
حان الوقت لمقاربة أردنية جديدة لا تنظر لإسرائيل على أنها شريك في عملية السلام، وتعمل للتأكد من أي خيارات جديدة ستتم ممارستها على الأرض الفلسطينية.
هل يوجد مثل هذا المطبخ؟ آمل وأشك. لكن حان الوقت للتخلي عن سياسة نبيلة الأهداف، إنما فاتها قطار الوقت. حمى الله هذا البلد.
تم نشر هذا المقال في جريدة الغد.
Read more at: http://carnegie-mec.org/2015/07/15/ar-60716/ideq