الحكومة تسجل هدفا..
التقدم بمشروع قانون انتخاب يغادر (الصوت الواحد) يؤسس لبرلمان قوي
مروان المعشّر
مرحى للحكومة على هذا الإنجاز المتقدم وغير المتوقع، بتقدمها بمشروع قانون انتخاب لمجلس الأمة يغادر “الصوت الواحد”، ويؤسس لمجلس نيابي منتخب بقاعدة أوسع، يساهم في تقوية العمل الجماعي. نعم، كان أجدى بالقانون المنتظر منذ سنوات، أن يحتوي قوائم وطنية تكون حزبية حصراً. وبالتالي، لا يعالج القانون كل الثغرات، لكنه عالج الكثير منها في هذه المرحلة، رغم المقاومة الشرسة من قوى الشد العكسي. وهذه نقطة تسجل لرئيس الحكومة د. عبدالله النسور، ولوزير الشؤون السياسية والبرلمانية د. خالد الكلالدة، اللذين جاهدا في الفترة الأخيرة ضد قوى متنفذة في الدولة تعارض الإصلاح، وتعارض وجود مجلس نيابي قوي، بل وتعارض توجهات جلالة الملك في تطوير نظام عصري من الفصل والتوازن بين السلطات.
مسودة القانون تظهر أن الترشيح يتم بطريق القائمة النسبية المفتوحة، وليس بشكل منفرد، إلا إذا كان المرشح عن إحدى المقاعد المخصصة للشركس أو الشيشان أو النساء أو المسيحيين؛ فيحق له/ لها عندئذ أن يترشح انفرادياً أو ضمن قوائم. أما الناخب، فيقوم بالإدلاء بصوته لإحدى القوائم المرشحة أولاً، ثم يصوت لعدد من المرشحين لا يتجاوز عدد مرشحي القائمة التي صوت لها ابتداء دون غيرها من القوائم.
وفقاً لذلك، فإن مسودة القانون قطعت شوطاً مهماً على طريق التأسيس لبرلمان قوي، يبتعد فعلياً عن “الصوت الواحد”؛ برلمان منتخب على قواعد أوسع، وبناء على أسس أقرب إلى البرامجية من الشخصية. وبالرغم من غياب القوائم الحزبية الوطنية عن القانون، إلا أن ذلك يمكن إرجاعه للحاجة إلى نضوج التجربة الحزبية تدريجياً، ومن المؤمل أن يتم معالجة الأمر في قوانين قادمة، كما مسألة القوائم المغلقة لا المفتوحة بعد نضوج التجربة أيضاً.
يبقى السؤال هو إن كانت القوى المحافظة داخل الدولة ستسمح بتمرير هذا القانون العصري، وهل لـ”الطخ” الحالي على الحكومة علاقة بموقفها المتقدم من قانون الانتخاب؟ ما أخشاه هو أن تتقدم الحكومة بهذا القانون للمجلس النيابي ثم نشهد تعديلات جذرية بتأثير من قوى خارج المجلس، تنسف هذه المعادلات من أساسها، وتنتج في النهاية صيغاً تبتعد شكلياً فقط عن “الصوت الواحد” ولا تغادره فعلياً. وما حصل في مجلس النواب الأسبوع الماضي أثناء مناقشة قانون اللامركزية، مؤشر مقلق على حجم المعارضة داخل الدولة للقوانين الإصلاحية.
خطوة الحكومة جريئة وإصلاحية بامتياز، تستحق أن يقف وراءها المجتمع الأردني بأكمله، وأن يُسمِع المجتمع صوته عالياً وبكل الوسائل السلمية الممكنة؛ للوقوف ضد قوى الشد العكسي التي لن تقف ساكتة، وستستخدم على الأرجح الأدوات كافة التي لديها لعكس أو تخفيف الآثار الإيجابية لهذا القانون.
ستبدي الأسابيع المقبلة فيما إذا كانت السلطة التنفيذية، بمؤسساتها كافة، قد اتخذت حقاً قراراً حاسماً بدفن “الصوت الواحد” والتأسيس لمجلس نيابي قوي، أم أن الموضوع يقتصر على جهود مباركة للحكومة فقط. والمعركة مستمرة.
تم نشر هذا المقال في جريدة الغد.
Read more at: http://carnegie-mec.org/2015/09/02/ar-61170/ifij