متى تقاتل روسيا تنظيم داعش؟
فاتح عبدالسلام
هناك نسبة كبيرة من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية داعش قدموا من الشيشان الخاضعة للحكم الروسي. وتقول التقارير والشهادات الموثقة ان هؤلاء المقاتلين هم الأكثر تدريباً وشراسةً من بقية المقاتلين الذين جاءوا من أصقاع الأرض ليقيموا دولة الخلافة المزعومة في أكثر البلدان احتضاناً للمساجد عبر التاريخ ،هما سوريا والعراق ،متجاهلين بلداناً عدة مروا بها في طريقهم من دون أن يذكروا سبباً واحداً لهذا التجاهل المريب.
وخط سير الشيشانيين يمر بإيران وتركيا في الغالب فضلاً عن مروره بالأراضي الروسية الخاضعة للمراقبة العسكرية والأمنية جيداً من أجهزة الدولة الكبرى .
وهنا روسيا التي ما برحت تشرئب برأسها في كل مناسبة لتذكّر العالم بأنها لا تزال الدولة الكبرى الواقفة بالند للأمريكان والعالم الغربي ، نجد صوتها خفيضاً عند الحديث عن دورها الدولي في مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف في العالم والذي ترجع بعض جذوره وخيوطه الى جماعات في بلاد الروس أنفسهم.
العالم كله يوظف قدراته لمواجهة تنظيم داعش الذي خرج نفوذه من نطاق العراق وسوريا ليضرب في ليبيا ومصر ، لكن روسيا لا تزال تقف في زاوية اخرى من هذه المعركة تتفرج وتتصرف كأنها خارج الكوكب الأرضي .حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة ببساطة متناهية، إنه ما زال من المبكر جداً الحديث عن مشاركة عسكرية روسية في سوريا لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية مستدركاً بجملة توضيحية اعترافية من المبكر القول اننا مستعدون للذهاب الى هناك فوراً ، مذكرا في الوقت نفسه بأنّ روسيا تبيع النظام السوري أسلحة منذ فترة طويلة وتغمل على تأهيل جيشه.
وقال بوتين رداً على أسئلة الصحفيين الملحة والمقلقة: نفكر بمختلف الخيارات لكن ما تتحدثون عنه ليس وارداً .
العالم كله يقول أن معركته ضد داعش وبوتين لا يذهب لهذا الخيار أبداً ، تاركاً الباب مفتوحاً لحليفه في دمشق أو طهران في التصرف بهذا الملف . هنا لا تكون المناكفات الروسية مع الغرب في محل ترحيب من أحد ، فالخطر عالمي وسريع الانتشار ومتغلغل بشكل غير محسوس أحياناً، إلا إذا كان الروس وحلفاؤهم يعلمون أن كل شيء تحت السيطرة ولا خطر على بلادهم من التطرف المصدّر من هذا التنظيم. وتلك قصة أخرى.
روسيا لم تستطع حتى الآن أن تبرر تقاعسها عن الدور المطلوب منها عالمياً في ارساء السلم العالمي عبر مكافحة التطرف وتنظيماته خارج روسيا كدولة كبرى تبحث عن دور دولي دائماً، لكنها لا تبدو في الأقل لأي مراقب أنها تسعى إليه مطلقاً ،عندما يتعلق الأمر بمكافحة تنظيم داعش .
إن المراقب ليحار ،أية ضمانات تملك موسكو للوقاية من شرور هذا التنظيم واحتمال ارتداده نحوها ،لكي تكون خارج الجهد العالمي لمحاربته؟
رئيس التحرير