ما هي الاسباب التي دفعت خالد بحاح وسبعة من وزرائه العودة فجأة تحت جنح الظلام الى عدن؟ وهل اقامته ستكون دائمة او مؤقتة؟ وما هي الاخطار التي تواجهه؟ وما هو موقف “خصمه” الرئيس هادي منها؟ وما هي الاجابات التي يحملها المبعوث الدولي ولد الشيخ للحوثيين وصالح الذين ينتظرونه في مسقط؟ ( عن رأي اليوم )
ان يعود السيد خالد بحاح نائب الرئيس ورئيس وزراء اليمن مع سبعة وزراء الى مدينة عدن فهذه خطوة شجاعة تحسب له ولحكومته، وتأتي ردا على الانتقادات العديدة التي جرى توجيهها له ولحكومته، من داخل اليمن وخارجه، لادارته اوضاع البلاد من العاصمة السعودية الرياض، على عكس التحالف “الحوثي الصالحي” الذي يقاتل على الارض اليمنية.
نعم عودة السيد بحاح خطوة شجاعة، ولكنها محفوفة بالمخاطر، لان مدينة عدن التي ستكون المقر المؤقت لحكومته تسودها الفوضى، ولا تتمتع بالامن، والطرق، سواء داخلها او المؤدية اليها ليست آمنة، فهناك عناصر تابعة لـ”الدولة الاسلامية”، واخرى تابعة لتنظيم “القاعدة”، وثالثه للحراك الجنوبي، ورابعة للتحالف “الحوثي الصالحي”، ومعظم، ان لم يكن جميع هذه القوى، مجتمعة او متفرقة، تقف في خندق العداء للسيد البحاح وحكومته.
هناك عدة تفسيرات لهذه الخطوة المتعجلة لرئيس الوزراء اليمني نوجزها في النقاط التالية:
الاولى: يريد السيد البحاح ان يتفاوض مع التحالف “الحوثي الصالحي” من موقع قوة، ومن خلال وجوده على الارض اليمنية، وليس من المنفى، وتفيد مصادر موثوقة تحدثت الى “راي اليوم” انه، اي السيد البحاح، على اتصال مع شخصيات من حزب المؤتمر العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وكذلك مع اعضاء في اللجنة السياسية لتيار “انصار الله الحوثي”.
ثانيا: تعرض السيد البحاح لضغوط كبيرة خاصة من قبل دولة الامارات العربية المتحدة التي لعبت قواتها الخاصة دورا في استعادة مدينة عدن، واخراج التحالف “الحوثي الصالحي” منها، من اجل العودة بسرعة الى المدينة، واستئناف عمله منها، والا ما فائدة تقديم التضحيات من اجل استعادة المدينة، حسب ما ذكر مصدر يمني كبير لـ”راي اليوم”.
ثالثا: تصاعد الخلافات بين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والسيد بحاح، واحتدام المنافسة بينهما على الزعامة، وعودة الاخير الى عدن تأتي في هذا السياق لانه يريد، اي السيد بحاح، ان يبعث برسالة الى انصار “الشرعية” والدول الداعمة له، انه يتمتع بمواصفات القيادة والزعامة، ولا يتورع عن المخاطرة بحياته للعودة الى عدن، وربما صنعاء، اذا تم استعادتها.
السيد راجح بادي المتحدث باسم الحكومة اليمنية قال امس ان الحكومة نقلت مقر عملها من الرياض الى عدن بصفة دائمة هذه المرة، ولكنه لم يستبعد في الوقت نفسه تنقل بعض الوزراء بين الرياض وعدن، وربما اراد بالفقرة الاخيرة ابقاء نوع من “خط رجعة” للسيد بحاح ووزرائه، اذا تدهورت الاوضاع الامنية بصورة اكبر.
المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ سيعود الى مسقط قادما من الرياض “الخميس″، وربما يحمل اجابات لتساؤلات للوفدين الحوثي والصالحي المتواجدين في مسقط، حول اسباب تراجع الرئيس هادي عن قرار المشاركة في الحوار في اللحظة الاخيرة، وما اذا كان سيواصل مهمته كمبعوث دولي ام انه وصل الى طريق مسدود، وسيقدم استقالته ويرحل، على غرار ما فعل سلفه السيد جمال بن عمر.
الرئيس هادي يدرك جيدا ان اي حل سياسي للازمة اليمنية سيكون على حسابه ورئاسته لليمن بالتالي، ولهذا بدأ يطالب بفرض شرط اضافي لقرار مجلس الامن الدولي رقم 2216 الذي يطالب الحوثيين والصالحيين بالانسحاب من المناطق التي يسيطرون عليها، وعودة الحكومة الشرعية لادارة شؤون البلاد، وهذا الشرط يؤكد مجددا على شرعيته كرئيس لليمن.
الرئيس هادي، ومثلما قالت مصادر يمنية لـ”راي اليوم”، ربما يكون تحسس بفقرة وردت في بيان المبعوث الدولي حول الدعوة لمفاوضات مسقط تنص على عودة “الحكومة الشرعية” وليس “الرئيس الشرعي”، الامر الذي اثار غضبه، ودفعه الى التراجع عن المفاوضات في مسقط بعد يوم من موافقته.
من الصعب علينا ان نجزم بأن عودة السيد بحاح ووزائه الى عدن ستكون دائمة، وان خططه في دعم المقاومة المسلحة، وادارة شؤون البلاد معا ستكون ممكنة، ففور الاعلان عن وصوله فجرا الى العاصمة اليمنية الثانية، جاء من يفجر الكنيسة اليتيمة في عدن كنوع من التحية، والاستقبال “اللائق” له ولوزرائه، وربما تذكره ايضا في الوقت نفسه، بأن اقامته لن تكون آمنة.
اليمن كانت دائما “غابة سلاح”، ولكنها اصبحت الآن “غابات”، او حتى “ادغال”، ومدينة عدن باتت حقول الغام، ولا يوجد شخص فيها لا يملك سلاحا حديثا، ناهيك عن الدبابات والعربات المدرعة.
مهمة “الرئيس″ بحاح لن تكون سهلة، وهناك جهات عديدة لا تتمنى له طيب الاقامة، وكان الله في عونه في جميع الاحوال.
لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...