خبير روسي يكشف أسرار رحلة الأسد إلى موسكو وخط السير وعمليات التمويه التي اتبعتها للوصول: الطائرة كانت من طراز″إليوشين 62″ عبرت الأجواء العراقية ثم الإيرانية قبل أن تحلق فوق بحر قزوين ثم موسكو…
نشرت صحيفة “لوتون” السويسرية، تقريرا حول رحلة الرئيس السوري بشار الأسد المفاجئة إلى موسكو الثلاثاء الماضي، وهي أول زيارة يقوم بها الأسد إلى الخارج منذ اندلاع الثورة السورية سنة 2011.
وتساءلت الصحيفة في تقريرها: “كيف تجرأ بشار الأسد على مغادرة بلاد هو لم يعد قادرا على السيطرة عليها، وأجواؤها تعج بالطائرات الأجنبية، في رحلة خطيرة جدا كانت مشابهة لعملية تهريب استخباراتية، جهزت لها المخابرات الروسية بشكل دقيق جدا، وهو ما يؤكده خبراء الطيران الروس، الذين حاولوا رسم مسار رحلة بشار الأسد؛ من خلال مراقبتهم لسماء روسيا على شاشات حواسيبهم؟”.
وقالت إن أحد أبرز خبراء الطيران، وهو أليكس إيفانوف، المعروف على شبكات التواصل الاجتماعي باسم “أليكس فلاي35″، الذي نجح في إماطة اللثام عن أسرار هذا العمل اللوجستي الضخم، الذي قامت به الدولة الروسية لتأمين حضور حليفها السوري.
وأكدت أن إيفانوف، الذي يعتمد على موقع “فلايت رادار” المتخصص في مراقبة حركة الملاحة الجوية في العالم، ويعتمد أيضا على خبرته الجوية الخاصة التي يؤكد الكثيرون أنها موسوعية؛ نجح في تعقب مسار الرحلة السرية التي قام بها بشار الأسد من اللاذقية إلى موسكو.
ونقلت الصحيفة عن إيفانوف قوله إن “عملية نقل بشار الأسد كانت أشبه ما تكون بعملية إيصال بضاعة؛ أكثر من كونها عملية إيصال مسافر، حيث إن المخابرات الروسية أخذت الأسد في عهدتها في صباح يوم 20 تشرين الأول، في قاعدة جوية روسية بمدينة اللاذقية، وقد ركب على متن طائرة “إليوشين 62″، وهي طائرة حكومية روسية وصلت في اليوم السابق بسرية تامة إلى اللاذقية، قادمة من مطار “تشاكالوفسكي” الروسي الذي يقع في ضواحي موسكو.
وأشارت إلى أن هذه الطائرة المزودة بقاعة جلوس فاخرة، ومعدات اتصال خاصة؛ عبرت الأجواء العراقية، ثم الإيرانية، قبل أن تحلق فوق بحر قزوين، وتدخل الأراضي الروسية عبر منطقة “أشتراخان” في الجنوب، ثم حطت في مطار تشاكالوفسكي في الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت روسيا.
وأضافت الصحيفة، نقلا عن إيفانوف، أنه “بعد لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ غادر الرئيس السوري مباشرة في طائرة أخرى من نفس النوع، وعبر نفس المسار، ثم في صباح يوم 21 تشرين الأول، بينما كانت السلطات الروسية تعلن عن قدومه، كان هو قد عاد فعلا إلى اللاذقية، وهو ما يجعل الرحلة في سرعتها وسريتها وظروفها؛ تشبه إلى حد كبير عملية نقل بضاعة حساسة.
وأكدت الصحيفة أن هذه التفاصيل التي أدلى بها إيفانوف تعد في غاية الدقة، خاصة وأن هذا الخبير الذي يعيش في موسكو؛ يحظى بشهرة كبيرة، ومتابعة واسعة على حسابه في “تويتر”، وقد أصبح منذ شهر أيلول الماضي مصدرا موثوقا لمتابعة تحركات الطائرات الروسية، بين روسيا واللاذقية.
وأضافت أن إيفانوف الذي يعرّف نفسه دائما على أنه خبير في الموجات اللاسلكية ومحب للطيران، يعتمد على وسائل بسيطة في عمله، ولكنه رغم ذلك يقدم معلومات غاية في الدقة، يعتمد عليها العديد من النشطاء الروس لإحراج آلة الدعاية الرسمية الروسية، وفضح أكاذيبها المتعلقة بالتحركات العسكرية. وقد أثار اختفاؤه لعدة أيام في بداية الشهر الجاري قلقا كبيرا لدى متابعيه، الذي كانوا يخشون من أن تضع المخابرات الروسية حدا لنشاطه على الشبكة العنكبوتية.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا تعتمد أيضا في تحركاتها على طائرات “أنتونوف” الضخمة، التي تستعمل في النقل العسكري والعمليات السرية، وهي تخصص حاليا لنقل قادة الجيش إلى الأماكن التي يودون الذهاب إليها.
وأضافت أنه في الثامن من أيلول الماضي، تعرضت هذه الطائرات إلى مشكلة كبيرة، عندما قررت بلغاريا منع الطائرات الروسية من التحليق في أجوائها، ما دفع بها إلى العودة أدراجها، باستثناء واحدة فقط قررت المواصلة وعبور الأجواء البلغارية، رغم أن ذلك كان أمرا شديد الخطورة.
وتابعت: “بعد أن تم حرمان هذه الطائرات من هذا الممر الذي يؤدي إلى البحر الأبيض المتوسط، والذي يعد أقل طولا وأكثر أمنا؛ اضطرت روسيا للاعتماد على مسار جديد تم تأمينه عبر الطرق الدبلوماسية، من خلال التفاهم مع كل من أذربيجان وإيران والعراق، حتى لا تقوم هذه الدول باعتراض الطائرات الروسية المتوجهة إلى سوريا”.
وفي الختام؛ حذرت صحيفة “لوتون” من أن الخطر الذي يواجه الطائرات الروسية حاليا، هو أن تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع طائرات التحالف الدولي، لافتة إلى أنه في نفس اليوم الذي أعلنت فيه واشنطن وموسكو عن إمضاء بروتوكول لتفادي حوادث الطيران في الأجواء السورية؛ فقد سافر بشار الأسد إلى موسكو، في مصادفة تثير الكثير من التساؤلات.
لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...