يقول تقرير نشر مؤخرا عن المنتدى الاقتصادي العالمي ، ان العراق في ذيل القائمة الخاصة بجودة التعليم، قد يكون متقدما على الصومال او بموازاة افغانستان، لكن اذا كان معدل الامية قد ضرب ارقاما قياسية في السنوات الاخيرة، فهذه كارثة، واذا كان الفقر والتهجير احد الاسباب فالكارثة اعظم، وهناك ما هو اشد واعظم ان يعتاد العراق على أن هذه الارقام هي الطبيعية، او ان الامبريالية العالمية تتآمر علينا وتضعنا دائما في آخر قائمة الدول السعيدة.
الجزء الأكبر من أخبارنا مؤسف ان لم يكن مضحكا، وما بين الضباط الاسرائيليين الذين عثرت عليهم حنان الفتلاوي في الحويجة ، ونظرية رئيس لجنة الامن النيابية حاكم الزاملي عن قادة داعش الذين انقذتهم اميركا ، طبعا النائبان المحترمان كل منهما يمتلك وثائق وادلة وصوراً ومعلومات تؤكد نظريتهما العظيمة، واتمنى ان لايسألني احد لماذا لا يكشف الزاملي والفتلاوي هذه الوثائق “المهمة”؟ انا مثلكم اسأل وانتظر ان ارى هذه الوثائق.
وسط هذه العواجل المقلقة، أطل علينا خطيب بغداد السيد عادل الياسري
ليطالب الدولة بتفعيل قانون شبيه بقانون ” خال الحزب والثورة خير الله طلفاح “، عندما تصبح الحريات الشخصية هي العدو، يعني اننا في ازمة كبيرة، سيتهمني البعض انني احاول تحريف كلام الشيخ، وسيقولون ما لك يارجل ، الم يتحدث الخطيب عن الفساد وسلم الرواتب، لكن ياسادة هل الدول تبنى بشرطة الامر بالمعروف ام بمؤسسات مستقرة ومستقلة.
حين تغيرت المانيا الشرقية قبل ربع قرن، لم تذهب الى الفوضى لان ساستها ارادوا لها ان تعيش في هدوء دولة المؤسسات، ستقولون كان هناك هلمت كول، بينما نحن عشنا ولانزال مع مسؤولين لم يبلغوا سن الفطام السياسي .
لماذا يتصور الخطيب ومن معه ، اننا جنس مضاد للديمقراطية، محصن ضد الدولة المدنية؟ لماذا يصر مسؤولونا على تنظيف مؤسسات الدولة من الكفاءات؟ ولماذا العودة إلى نظام اهل الثقة وليس اهل المعرفة والعلم؟
توضع القوانين لا شرطة الامر بالمعروف من أجل حماية حقوق الناس، وتصبح مرجعاً نهائياً لنزاعاتهم وخلافاتهم، وبالقانون لا بالنهي عن المنكر يبنى الاستقرار والتنمية وتنشأ الدول.
أليس من المؤلم أن يكون قدرنا موكولاً لمثل هذه الافكار والنظريات؟ موكولاً لثقافة ترى في نفسها انها ظل الله على الارض، ثقافة لا تخفي حنينها لحملة القائد الضرورة الايمانية، نحن نفقد البصر والبصيرة حين نسيء استخدام العقل، ويصبح الجهل شعار المرحلة ،
ياسادة عندما يدمّر السياسي، مؤسسات الدولة، بدلا من تطويرها على أسس ديمقراطية، فهو يهين الدماء والأرواح التي قدّمها العراقيون على مدى عقود طويلة من أجل أن يتنفس أبناؤهم هواء الديمقراطية الحقّة.