منذ أيام تنشر وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي ، حكاية فاروق القاسم المهندس الجيولوجي العراقي الذي غادر عام 1968 الى النرويج ، حيث استقر هناك وعمل في إحدى الشركات النفطية ، وتشاء الصدف ان يكون سبباً في اكتشاف النفط في بحر الشمال ! والحكاية باختصار ، انه في عام 1969 كانت إحدى الشركات النفطية النرويجية قد طلبت إعفاءها من عملية التنقيب ، إلاّ أنّ تقريراً قدمه فاروق القاسم شجّع حكومة النرويج على رفض الاستجابة لطلب هذه الشركة بالإعفاء. لتثبت الأيام اللاحقة أنّ فاروق كان محقّاً في تقريره، حيث تم اكتشاف النفط في أحد أكبر حقول النفط في بحر الشمال . حتى أنّ وزير الصناعة النرويجي قال :” فاروق مبدع من طراز خاص ونحن محظوظون بوجوده بيننا “!
هل انتهت حكاية المواطن العراقي فاروق القاسم عند بحر الشمال ؟ هناك تكملة لهذه القصة ، ففي عام 2003 وبعد التغيير عاد الى العراق ، ويخبرنا أنه فاوض حكومة بغداد بشأن خطة متكاملة لإنقاذ الاقتصاد العراقي وتطوير صناعة النفط ، المسؤولون وبعد ان أستخارتوا ، قالوا له خطتك صعبة التنفيذ ، وننصحك بأن تعود الى النرويج ، لكي لا تُقتل.لم يجد أمامه بعد النصيحة ” الثمينة ” هذه سوى أن يجمع أوراقه ويحمل حقائبه ويسحب مشروع الحلم بعراق مزدهر ومعافى
الجهات السياسية التي وقفت ضد مشروع فاروق القاسم قررت في لحظة تاريخية مهمة أن عبقرية حسين الشهرستاني أبقى وأنفع للعراقيين ، وأن خطبة حنان الفتلاوي وابتسامة صالح المطلك وحدهما يمكن ان تؤسسا لعراق تعددي ، وأن العناية بـ” طلّة ” عواطف النعمة هي التي ستحمل السرور والحبور الى هذه البلاد .
كنتُ في هذه الزاوية قد كتبت حكاية العالم الطبيب جعفر علاوي وهو واحد من أبرز أطباء السكري في العالم ، وكيف ترجّى الحكومة بشأن تأسيس مركز للسكّري بمواصفات عالمية ومن ماله الخاص ، لكنّ الميليشيات “الطيبة” أرادت ان تكرّمه على خدماته الجليلة ، فخطفت العاملين معه وساومته على حياتهم بفدية مالية كبيرة ، دفعها ثم حزم حقائبه ليذهب إلى بلاد تعرف معنى ان يكون بينها عالم بحجم وكفاءة فاروق القاسم وجعفر علاوي .
نجح العراقيون في بلدان الآخرين، اتسعت الغربة لطموحاتهم وطاقاتهم التي ضاق بها وطنهم الذي تتناوب عليه الحروب والسرقات .
في عموده الذي رثى فيه الراحلة زها حديد يكتب عبد الرحمن الراشد يكتب :” هناك أكثر من أربعة آلاف طبيب عراقي يعملون في بريطانيا، رقم لا يخطر على بال ”
هل تعرفون من احتلّ مكانة جعفر علاوي وهؤلاء الاربعة آلاف طبيب انه صاحب ” دبلوم الإكترونيك” حاكم الزاملي الوكيل الأقدم السابق لوزارة الصحة ! مثلما جلس الشهرستاني على كرسي فاروق القاسم .