المفهوم العراقي للديمقراطية اتضح في إجراءات وزارة الداخلية التي أعادت الى الاذهان صولات الحاج خير الله طلفاح ” الإيمانية ” ، وقد ترجمتها الوزارة في عهد السيد محمد سالم الغبان في صورة مؤسفة ومثيرة للأسى نشرتها أُم عراقية تحمل لافتة تطالب فيها الحكومة بإطلاق سراح بناتها الصغيرات ، الأولى تبلغ عشر سنوات والثانية ثماني سنوات ، ولا يذهب بكم الخيال بعيدا وتتصورون ، ان الصغيرتين تعملان في منظمة إرهابية ، او تسهلان دخول السيارات المفخخة الى المناطق السكنية ، او تمارسان التجسس على شرطتنا ” الباسلة ” ، لا ياسادة ، فهاتان الفتاتان ارتكبتا جرما أكبر وأشد فظاعة ، لقد مارستا مهنة بيع الماء في الشارع اثناء شهر رمضان ، ولأننا نعيش في ظل دولة السيد الغبان ” الايمانية ” فما جرى هو فعل فاضح يستحق أقصى العقوبة ، إما الحبس الى ما بعد العيد ، او دفع غرامة لكل فتاة قيمتها مئتا الف دينار . ففي الديمقراطية العراقية لايهم ان تسرق اموال الناس ، وليس مهماً ان تستورد اجهزة كشف فاسدة للمفخخات ، والداخلية غير معنيّة بالسيارات المفخخة التي تتجول بكامل حريتها في بغداد ، مايهم هو تطبيق قوانين الحملة الإيمانية
نكتب منذ سنوات عن الخراب والاخطاء التي ترتكب بحق الوطن والمواطن ، والناس التي يقتلها الإهمال الأمني ، فتتطلع الحكومة الى المواطنين وتعطي جوابا بلسما : لماذا لاتلتزمون بقوانين الحاج خير اللة طلفاح ؟
ياسادة عندما انتخبكم العراقيون توقعوا أن تأتوا لهم بنموذج صالح لحكم دولة في القرن الحادي والعشرين ، وليس لدولة تعيش في القرن الاول الهجري . توقعوا أن يصغي السياسيون لأصحاب الخبرة والمعرفة ، وليس لأصحاب لافتات ” الحجاب او التيزاب ” .
بالامس كتب مواطن مسيحي عراقي يشكو الإهانة التي تعرض لها من قبل رئيسه في العمل ، عندما لمحه وهو يدخن في مكان منعزل ، المدير الذي عرف عنه تفضيله للواسطة والمحسوبية وعشقه للرشوة يخاف على الدين ان يخدش لمجرد مواطن مسيحي أراد ان يدخن سيجارة ، وأنا أقرأ ما كتبه هذا المواطن المسكين ، كانت وكالات الانباء تنشر خبر الشرطي الباكستاني الذي اراد إرغام مواطن هندوسي على الصيام ، مستخدماً العنف ضده ، ما أثار جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي ، وكتب ناشطون باكستانيون على تويتر إن “الدين لا يعني إجبار الناس على الصوم وإرهاب الأشخاص الضعفاء. ، الامر الذي أجبر خرج وزير الداخلية ان يصرح لوكالة فرنس برس : ان الشرطي اعتقل وسوف تتخذ إجراءات شديدة بحقه
ربما سيتهمني البعض بالبطر ، فهل يعقل ان نطلب من وزير” مؤمن ” ، أن يقدم اعتذاراً لرعايا ” فاسقين ” .