ليس في العنوان مبالغة، او محاولة لسحب القارئ الى قراءة مادة صحفية ، بل هي حقيقة رواها لي الثلاثاء الماضي واحد من ابرز اطباء العراق حين كنت عنده لمعاينتي …وهو احد تدريسي كلية طب بغداد ، اشهر كلية طبية في العراق وواحدة من اقدم كليات الطب في الوطن العربي والشرق الاوسط ..
ـــ ماذا روى لي استاذ كلية الطب ؟
قال : لاحظتُ كما لاحظ زملائي الاساتذة في الكلية الربح من تيك توك، وجود نقص في بعض معدات التدريب الطلابية وقدم البعض الآخر ، منها ( الدمى ) المصممة عالميا لأغراض تدريب طلبة الطب ، حيث تساعدهم على ادراك واجباتهم الطبية من خلال التلاحم والتفاعل بين المعرفة والفهم والمبادئ والقيم والأهداف والمنهج أثناء التدريب الميداني, واكسابهم القدرة على تطبيق المعارف والمبادئ والقيم المهنية التي تم استيعابها في الدراسة الأكاديمية في المواقف المختلفة وفهم المهارات المهنية بطريقة علمية وعملية منظمة..
وأكمل : اقترحت القيام بمبادرة لجمع مبالغ من الزملاء الاساتذة ، لاستيراد هذه الاحتياجات ، وبدأتها بوضع مليون دينار من شخصي ، وحين سمع من لم يسمع من الاساتذة بهذه الخطوة بادروا برفد هذه الخطوة ، وسرعان ما اتسعت خارطة هذه المبادرة ، حيث بادر اولياء امور الطلبة من الموسرين بدعم هذه التبرعات … وكانت هذه الخطوة ، مساهمة بسيطة لحالة التقشف التي تعانيها الدولة ، نتيجة انخفاض اسعار النفط والحرب على داعش والارهاب … وتمت مفاتحة رئاسة جامعة بغداد بمبادرة كلية الطب ، جاء الجواب مخيما للآمال : (لا نوافق ، فليس هناك سند قانوني لمبادرتكم ) ..!!
وقبل ان ينهي طبيبي حكايته الانسانية التي تفيد مئات الطلبة ، انتابتني وخزة من يأس مرير لدولة يشهد برلمانها يوميا صراعات وصراخات بشأن سرقات لقوت الشعب بمليارات الدولارات ، ثم يستكثر مسؤول على مبادرة لجمع مبالع من حلال طيب لشراء معدات لتدريب طبية هم بأمس الحاجة اليها …
للأخوة في كلية الطب ، وبقية محبي العمل الطوعي اقول : ان أجـمل ما في الـعمل التـطوعي أنـه يشعرك بالعــطاء .إحساس رائع .. أن تخدم الآخرين .. وأن تشعرهم بالسعادة .. شعور مفعم بالرقي .. أن يكنّ لك الآخرون الحب والود والامـتنان .. عرفانا لعـطائك .. ما أسعد أن ترد لإنسان بسمة غـابت عن وجهه .. وما أجـمل أن تـمسح دمعة .. أن تزرع شجرة .. أن توقد شـمعة !
لعن الله دولة ( افلاطون الجديد ) التي فيها التبرع الانساني حرام ، والسرقات حلال !