لبنان مرة جديدة في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية. لكن هذه المرة ليس من باب أكبر صحن فتوش أو حمص أو فلافل، ولا أكبر منقوشة أو ساندويتش أو عرض للأسماك والثمار البحرية، بل من باب لا يمكن إلا أن تُرفع له القبعة تحية: مذيعة لبنانية تتحدى الإعاقة بتخطيها حاجز البث المباشر المتواصل لأربع وعشرين ساعة عبر تلفزيون لبنان الرسمي.
هي داليا فريفر التي تسلمت صباح أمس فور انتهاء التحدي شهادة رسمية من ممثل موسوعة «غينيس» تؤكد كسر الرقم القياسي العالمي الذي كان سجل في الولايات المتحدة.
أكثر من 70 شخصية استقبلت فريفر على مدار هذا النهار الماراثوني بمعدل 15 دقيقة لكل ضيف. حاورت ضيوفها في الفن والثقافة والرياضة والطب والمجتمع والسياسة بابتسامة لا تفارق وجهها من دون كلل أو ملل. حتى حين شعرت بدوار قبل نهاية البث المباشر بقليل، لم تستسلم أو توقف التحدي.
ربما يبدو هذا عادياً بالنسبة إلى مذيع آثر خوض تجربة من هذا النوع. لكن ما هو غير عادي أن يكون المذيع ضريراً كما هي حالة فريفر. فهي فقدت بصرها مذ كانت في الثامنة عشرة من عمرها، من هنا، فإن الهدف أكبر بكثير من تحطيم رقم قياسي. الهدف تسليط الضوء على ما يمكن أن يحققه ذوو الاحتياجات الخاصة من إنجازات في مجتمعات لا تزال تحرمهم من أدنى حقوقهم وتضعهم على الهامش. لهذا، لم يكن سهلاً عليها بادئ الأمر إقناع ضيوفها بمشاركتها التحدي. هذا ما تؤكده أمينة سر المجلس الوطني للإعلام في حديث للوكالة الوطنية، إذ تقول: «عندما اتصلت بالضيوف، بعضهم استغرب لأن المقدمة لا ترى. قلت لهم أن لديها البصيرة لا البصر، فهي ترى بقلبها وعقلها، عند ذلك أبدى بعضهم ترحيباً والآخر تردد. إلا أننا وبعد فترة لاحظنا أن الكثير من الأشخاص عادوا واستجابوا حتى تخطى عدد الضيوف 75 ضيفاً».
داليا فريفر حققت حلمها، وسرعان ما أضحت هي الاستعراض. استعراض في أسئلة وأجوبة وانتظار طويل أنسى الجمهور اللبناني لساعات العاصفة الثلجية والبرد القارس، خالقة حول جهاز التلفزيون في كل بيت دفئاً إنسانياً لم يكن متوقعاً… وربما أعادت إلى تلفزيون لبنان الرسمي جماهير غفيرة كانت قد هجرته منذ زمن طويل.