لم تُمهل وكالة سلامة الطيران الأوروبية وزير النقل كاظم الحمامي سوى بضع ساعات لتفنِّد إعلانه عن أنّ الوكالة قد رفعت الحظر الذي فرضته على تحليق طائرات الخطوط الجوية العراقية في أجواء قارة أوروبا، بل إنّ دولة السويد سارعت من طرفها للإعلان عن حظر الطيرن المباشر إلى العراق لأسباب وصفت بأنها “أمنيّة”.
الخميس الماضي قال الوزير الحمامي في بيان صحافي إنّ الوكالة الأوروبية “رفعت الخطوط الجوية العراقية من القائمة السوداء” التي كانت قد أُدرجت فيها العام 2015 بسبب استمرار الناقل الوطني العراقي بمخالفة شروط السلامة وعدم تلبيته المعايير الخاصة بالمنظمة الدولية للطيران المدني، وأنّ الخطوط العراقية قد وُضِعت بدلاً من ذلك تحت المراقبة.
لكنّ متحدثاً باسم الوكالة الأوروبية التي مقرها في كولون (ألمانيا) أفاد يوم الجمعة عبر البريد الإلكتروني بأنه “على حدِّ علم الوكالة لم يحصل أي تحديث لهذه القائمة منذ كانون الأول الماضي”. وهذا ما أكده أيضاً رئيس لجنة الخدمات في مجلس النواب ناظم الساعدي الذي قال إنّ شركة الخطوط الجوية العراقية ما زالت موجودة على قائمة المنع، معلناً “عدم صحة المعلومات التي أوردها الوزير بخصوص انتقال العراقية إلى قائمة تحت المراقبة ،لأنه ببساطة لا وجود لهكذا قائمة أبداً”.
المنع الأوروبي لتحليق طائراتنا في الأجواء الأوروبية لم يكن بدوافع عنصرية أو سياسية، كحال الحظر الذي فرضته إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترمب على دخول مواطني سبع دول عربية وإسلامية بينها العراق، على سبيل المثال … أسباب المنع فنية بحتة تتعلق بالسلامة. الوكالة الأوروبية مكلّفة تأمين سلامة ليس فقط الأجواء وإنما الأراضي أيضاً، فحوادث الطيران لا تقتصر أضرارها على الطائرات نفسها، وإنما يُمكن أن يمتدّ نطاق كوارث الطيران إلى السكان وممتلكاتهم على اليابسة.
أوروبا، وسواها، تعرف كيف تحمي نفسها جوياً، فتضع معايير للطيران غير قابلة للانتقاص منها. لكن ماذا بشأننا نحن؟… إذا كانت طائراتنا غير مؤمَّنة بما يتوافق مع المعايير الدولية فلماذا تقبل سلطة الطيران المدني في بلادنا بأن تحلّق في أجوائنا طائرات لا تتوافر فيها الشروط الفنية اللازمة للطيران الآمن؟ ومَنْ يدرينا أنّ سلطة الطيران المدني المتساهلة مع الخطوط الجوية العراقية ليست متساهلة أيضاً مع الخطوط الجوية الأجنبية التي تطير طائراتها في أجوائنا وتحطّ في مطاراتنا وتطير منها؟
لجنة الخدمات البرلمانية التي أكد رئيسها أنّ طائراتنا لم تستوفِ بعد الشروط الفنية اللازمة للطيران في الأجواء الاوروبية، لماذا لا تهتمّ بأن تكون هذه الطائرات، وكذا طائرات سائر الخطوط الجوية، متوافرة على شروط الأمان المعتمدة دولياً، أم أنّ لجنة الخدمات، ومن خلفها مجلس النواب، لا تأبه بمصير العراقيين إنْ كانوا في الجو أو على اليابسة؟ .. وفي الأساس لماذا نحن غير قادرين على التوافق مع المعايير الدولية؟ ولماذا نطيّر الطائرات مادمنا غير قادرين على هذا التوافق؟
شاهد أيضاً
جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*
لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...