أيها المواطن لا تسلْ ماذا فعلت مجالس المحافظات؟ ولا تقل إنّ الكثير من أعضائها يعتقدون أنهم يديرون مزرعة أو شركة تهدف إلى الربح .
أيها المواطن كنتَ تحلم بالتغيير فوجدتَ أمامك مسؤولين يستلهمون مسيرة ” الخال المؤمن ” خير الله طلفاح، بل ويصرونّ على إخراجه من القبر ليطارد الفرح في شوارع بغداد وميسان والبصرة.
مثل غيري، أُتابع يوميّاً ما يجري في مجالس المحافظات ، وكتبتُ لكم عن القرار التاريخي الذي اتخذه مجلس محافظة بابل بتغيير النغمة الموسيقية لبائعي الغاز ، وتابعتم معي المعارك العشائرية التي تستخدم فيها القاذفات والهاونات في محافظات الجنوب .
بالأمس وأنا أقرأ التحقيق الذي نشره الزميل حامد السيد في صحيفة المدى عن التفجير الذي استهدف أكثر من 12 محلاً لاستيراد وبيع الآلات الموسيقية وسط محافظة البصرة ، تذكرتُ فنان البصرة الكبير طالب غالي الذي شاهدتُ الدموع تترقرق في عينيه قبل سنوات يذرف الدمع في لقاء مع إحدى الفضائيات وهو يتحدث بحزن وأسىً على مدينته التي غادرها الفرح، حيث كانت تغنّي للجمال، بعدما أصرّ ” مؤمنو ” المحافظة على أن يُلبسوها السواد حزناً، ويمنعوا صوت الفرح فيها.
هل الكتابة في هذا الزمن المضني عن غياب الفرح والمسرّة ترف ؟ الملايين تعيش في الخيام ، وأنت تريد ان تكتب عن محال بيع الآلات الموسيقية ؟ ألا تخجل ، الناس يحاصرها الموت ، وأنت تتحدث في أمور كلها فسق وبهتان ، شكراً ياسيدي للملاحظة القيّمة ، لكنني وأنا أقرأ تقرير صحيفة المدى تأسفت للحال التي وصلنا إليها والتي يلخّصها عدنان ساهي، رئيس قسم الموسيقى في كلية الفنون الجميلة الذي يخبرنا ، أن”الإدارة المحلية في المحافظة مسؤولية التجاهل الذي تقابل به المؤسسات والشخوص الفنية في المحافظة، مما يسهل على المجموعات العقائدية القيام بمحاولة استهدافها ومنعها من إحياء أنشطتها وفعالياتها”.
ويؤكد الفنان ساهي “أننا لا نعتمد على الحكومة المحلية في الدعم او الحماية، لأنها ببساطة تتعاطى مع الموسيقى كمفردة محرّمة دينياً، وهذه كارثة”، لافتاً الى ان “المحافظ الحالي في أغلب المهرجانات التي تفتتح بعزف النشيد الوطني يغادر القاعة بسبب استخدام الآلات الموسيقية، اعتقاداً منه أنها تسبب الضرر لعقيدته الدينية”. ويتساءل ساهي، “هل من المنطق ان يقاتل ابناء البصرة على أسوار الموصل لتحريرها من التطرف، بينما تسقط مدينتهم بيد التطرّف؟!”.
يبدو أنّ بعض محافظاتنا التي عانت من الإهمال والظلم عقوداً طويلة ، لا يريد لها البعض ممن تولوا أمورها أن تفتح صفحة جديدة في جدار المستقبل، وهم مصرّون على أن تبقى مكبّلة للماضي من خلال تصريحات وقرارات تسعى إلى تحويل مدن العراق إلى ولايات تعيش زمن العصور الوسطى .
فيا أهالي البصرة الأعزاء وأنتم في انتظار الرخاء، حكومة تلو حكومة، والرخاء لا يأتي، والأزمات تشتدّ ولا تنفرج، لا تغضبوا، فالرهان اليوم على مدى قدرتكم على رفض سماع النشيد الوطني ، والتخلّص من صباحات فيروز التي ستؤدي بكم الى النار حتماً.. عندها ستجدون أن الرفاهية ستصل إلى أبعد نقطة في الزبير، وأنّ الفاو تحولت الى مدينة تناطح دبي.
شاهد أيضاً
جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*
لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...