في الذكرى الأولى لرحيله: “ ماذا بقي من هيكل؟ السفير إبراهيم يسري: سيبقى ظاهرة لن تتكرر .. عاصم الدسوقي: داهية الصحافة.. القعيد: استشهاداته القرآنية كانت بلا حدود..
اليوم يمر عام كامل على رحيل الأستاذ محمد حسنين هيكل،الصحفي الكبير الذي أثار ما أثاره في حياته المهنية الممتدة عبر نحو 70 عاما (مات عن عمر يناهز التسعين) فماذا بعد الرحيل؟ وماذا يبقى منه؟ وكيف يراه محبوه وشانئوه سواء بسواء؟
في البداية يقرر السفير إبراهيم يسري أن هيكل ظاهرة لن تتكرر في العالم العربي وربما في العالم كله، واصفا إياه بـ “المؤسسة”، ومشيدا بثقافته الرفيعة.
وذكّر السفير يسري بلقاء ضم عددا من المثقفين والسياسيين، بعد نكسة 67 عندما توجهوا الى الاتحاد الاشتراكي لتقديم مقترحات بعد النكسة ، ففوجئوا بهيكل يقول لهم ما نصه: “دول عسكر لن يفيد الحديث معهم شيئا”.
واعتبر السفير يسري أن كلمة هيكل السابقة تحسب في ميزان شجاعته.
وأضاف السفير يسري أنه كان حريصا على لقاء هيكل كل عام، مشيرا الى أنه في عام 2004 دعا هيكل وآخرين، للمشاركة في مبادرة ضمت قوى وطنية لاتخاذ موقف حاسم من أجل الحريات ، وكان هيكل أحد الذين تفضلوا بالرد عليه ، ولكنه اعتذر بالقول إنه ليس حركيا!.
وأنهى السفير يسري حديثه مؤكدا أن الأيام الأخيرة لهيكل كانت أسوأ أيامه، بصفته ” عراب انقلاب ” 3/ 7 في مصر.
داهية الصحافة
أما المؤرخ د. عاصم الدسوقي فقد وصف هيكل بأنه داهية الصحافة
مشيرا الى أن شهرة هيكل في عالم الصحافة والسياسة جاءت من أهمية المعلومات التي ترد في مقالاته وحواراته بكل ما تحمله من خطورة وحساسية.
وأشاد الدسوقي بأسلوب هيكل الوصفي البارع المتقن، دقيق الملامح في كل ما يكتبه.
واختتم الدسوقي حديثه مؤكدا أن كتابات هيكل “الجورنالجي” والسياسي والمفكر ستبقى مصدرا ومرجعا لا يمكن الاستغناء عنه لمن يريد أن يكتب عن تاريخ مصر المعاصرة.
رجل المخابرات
واتفق الشاعر فتحي عبد الله مع الرأي القائل ببراعة هيكل الصحفية، مشيرا الى أن كل ما قيل في هيكل “الجورنالجي” صحيح.
وبحسب فتحي عبد الله، فإن الدور الخفي الذي لم يتم الكشف عنه في حياة هيكل هو دوره الاستخباراتي.
وقال عبد الله إن هيكل هو الذي رتب لقاء عبد الناصر بالسفارة الامريكية بعد حرب 48 وقبل يوليو 52.
ووصف فتحي عبد الله هيكل بأنه رجل الاستخبارات الأول، مشيرا الى علاقاته بالمخابرات الانجليزية والأمريكية.
واختتم عبد الله حديثه مؤكدا أن هيكل هيأ المنطقة العربية عبر ثورات العسكر لتقبل القوى الغربية الجديدة التي تحكم البلاد العربية من طرف خفي.
يوسف القعيد وهيكل
أما الأديب يوسف القعيد أحد المقربين من هيكل، فقد أكد أن استشهادات هيكل القرآنية كانت بلا حدود ، مشيرا الى أنه لاحظ ذلك في كلامه أكثر مما لاحظه في كتاباته.
وقال القعيد إن الشعر كان أحد الروافد المهمة في وجدان الكاتب الكبير، مشيرا الى أن هيكل كان مولعا بالشعر ضمن ولعه الأكبر بهذه اللغة وقوميتها.
وأثنى القعيد على ثقافة هيكل الادبية الرفيعة، مشيرا الى أن نجيب محفوظ عندما جاء وقابل على حمدي الجمال “رئيس تحرير الاهرام الاسبق” لكي ينشر رواية في الاهرام لاول مرة، وقدم له مخطوط رواية “أولاد حارتنا”، وتمنى محفوظ أن يقرأها الاستاذ هيكل قبل النشر، أخذها هيكل الى بيته، ورغم ضخامة الرواية وملحميتها، فقد قرأها هيكل في يومين وأدرك مغزاها وما فيها ، وقال لنفسه عندما وصل الى الكلمة الاخيرة: إن كانت عند نجيب محفوظ شجاعة كتابة هذا النص، فلابد أن تكون لدينا شجاعة نشره وقد كان”.