سنقصّ بمقص العدل والعقل ، المئة سنة الأخيرة من تأريخ الدولة العراقية ومعها دول العرب والمسلمين كلهم ، ونحرث بعض الأسئلة الموجعة من باب الدين ورجاله وعمائمه ولحاه وآياته وسماحاته من كل صنف ولون ، وقد نربطها ونشبكها بالزنادقة والهراطقة والسحرة والحكواتيين الذين يدورون على القرى ، ويقولون للناس ما لم يقله الله ، وما لم يطلبه محمد ، وما لم يأت في القرآن منه ، الّا في حال تعدد التفاسير وتناطح الرؤى وانبعاث عفن التأريخ المندرس الذي صنع قصصاً ، جعلها هؤلاء السحرة والدجالين بمقام المقدس الذي لا جدال ولا شك فيه ، وهي قصص مخلوطة بالكذب والتزييد والتنقيص والنفخ العاطفيّ البليد .
قلنا وكتبنا غير مرة ومرات ، إنّ الأديان كلها سهلة ولا تحتاج الى مفسرين ووسائط نقل بين الله وعباده ، وان كل أو جلّ ما أتى بعد السنوات الأول من الثورة المحمدية الذكية ، هو عبارة عن زوائد وفوائض كلام أدت الى تفكيك وامراض جوهر الفكرة الأم ، فانولدت المذاهب والمدارس ، وكثرت التفسيرات ، فمات الإسلام الحقيقيّ على يد المفسّرين والمؤولين والمجتهدين عن هوى وتجارة وليس عن علم وفهم .
ماذا صنع لنا رجال الدين وربما نساؤه ، في دفتر العلوم والتكنولوجيا والمخترعات المبتكرات المفيدات الرحيمات ، التي منها الطب والهندسة والطائرات والسائرات والماشيات البحر ، والكومبيوتر والأنترنيت والفيسبوك وأخوانه بالرضاعة والفن والكتابة والأدب والفلسفة والجمال ، وهل نحتاج في كل مسجد وصومعة عبادة سوى الى موظف واحد صوته جميل ، فيدعو الناس للصلاة وهم يحفظونها عن ظهر قلب وعقل ، ويقرأ ويجود ويموسق القرآن البديع بصوته ، بمعاونة موظف آخر يحرس الجامع وثالث يشطف وينظف وينظّم المكان ؟
جربوا بربكم الذي تعبدون ، هذه الوصفة الطبية الشافية الوافية ، ثم تعالوا واخبروني بعد عشر سنوات ، عن مباهج ومحاسن وصنائع وراحة وسلام وطمأنينة حياتكم الحرة الجديدة .
صلّوا خمس صلوات في اليوم . صوموا شهر رمضان . حجّوا مشروطية أن لا تكون كلفة الحجّ مأخوذة من خبز العائلة الشحيح . اعطوا الفقراء ما تيسّر من فيض مالكم . كونوا مثل الدنيماركيين والنرويجيين والسويسريين والنيوزلنديين ، طاهرين متخففين من الكذب والنفاق والرشوة والخيانة ، وصفات مرذولة أخرى . لا تنصتوا أبداً إلى ضلالات وقصص وخرافات وزيادات وكلاوات عمائم الشيطان الملونة ، لأن آدميتكم وجوهر دينكم وربّكم الواحد وعبادتكم الخالصة ، لن تحتاج إلى تفاسير الفتنة أو حكايات التـاريخ المندرسة . أحبوا واحترموا جيرانكم ، حتى لو كانوا على غير دينكم .