العصا الأمريكية والمال السعودي..(زواج مصلحة) !! (قراءة تحليلية) بقلم المستشار ضياء الوكيل*

التحليل الأولي لنتائج مؤتمر القمم الثلاثة المنعقدة في العربية السعودية ما بين ( 20-21 أيار 2017) يؤشر بوضوح إلى مكاسب كبيرة تحققت للولايات المتحدة على الأصعدة ( الإقتصادية والسياسية والعسكرية) دون كلفة تذكر حتى أن (دونالد ترامب) دخل المنطقة دخول الفاتحين وعقد ثلاث قمم مع أكثر من خمسين دولة وهو عند إقامته في المملكة وهذا  المشهد يوحي للمراقب بالآتي:

  1. أسلوب جديد في التفاوض يستند إلى معادلات سياسية مبتكرة قائمة على المقايضة والمال وتبادل الأدوار..
  2. رغبة الرئيس الأمريكي بالإنتقال مما يوصف( القيادة من الخلف) الذي ساد خلال إدارة سلفه أوباما إلى لاعب رئيسي وصانع للحدث في الحقبة الترامبية الجديدة..
  3. سعي واشنطن إلى مقاربة اللبنات المتباعدة في موقفها الأمني والسياسي على الصعيد الدولي دون التأثير على الثوابت الأساسية في ضمان (المصالح الأمريكية وأمن إسرائيل واستمرار تدفق النفط إلى الغرب)..

ملامح السياسة الاقتصادية الأمريكية

الإتفاقيات التي عقدت في السعودية تؤشر ملامح السياسة الإقتصادية الأمريكية الجديدة القائمة في أساسها على (المقايضة بعقلية التاجر) بمعنى أن ترامب أبتكر طريقة جديدة لتسديد فاتورة الحماية الأمريكية بشكل عقود تسليح بمئات المليارات من الدولارات وهذا يحقق لطرفي الصفقة المكاسب الآتية:

  1. بالنسبة لترامب فأنه ينفذ وعوده الإقتصادية الداخلية بالحصول على ثلث المبلغ الذي وعد به ناخبيه للاستثمارات العامة والخاصة وبما يوفر مليون فرصة عمل للعاطلين والتمهيد لأخرى وتطوير البنى التحتية وهو بذلك يرد على الانتقادات التي يواجهها على مستوى الداخل..
  2. أما السعودية فهي تدفع فاتورة باهضة لشراء وجه ترامب المتشدد أمام إيران حتى ولو على المستوى الخطابي وإن كان هذا الحدث قد منحها زخما سياسيا على صعيد المنطقة فأن ذلك قد لا يبرر هذه الصفقات الكبيرة للأسلحة التي قد لا تستخدم أبدا في وقت تعاني فيه المملكة من اجراءات تقشف ومعدلات من البطالة..

إدارة أزمة دون حلول:

الولايات المتحدة استثمرت في أزمات المنطقة ووظفتها لصالحها ولعبت على عاملين مهمين وهما:

  1. مخاوف وقلق السعودية ودول الخليج مما تصفه بتنامي القوة الإيرانية واتساع دورها ونفوذها في المنطقة..
  2. الرعب والتوتر الذي ينتاب العالم الغربي من ظاهرة انتشار الإرهاب والعنف ووصوله إلى شرايين الحياة المدنية الحساسة والأمن والسياحة في عواصم ومدن الغرب..

هل واشنطن مستعدة للمخاطرة بقواتها والتصعيد العسكري مع إيران وحلفائها؟؟

وللإجابة نقول أن أمريكا تدرك جيدا أن إيران دولة كبيرة ومهمة في المنطقة وإن إحياء تحالف واشنطن التقليدي مع السعودية ودول الخليج لا يعني بالضرورة الصدام مع طهران بل يمكن أن تكون خطوة باتجاه التمهيد لإعادة رسم الأدوار ومناطق النفوذ اعتمادا على المستجدات السياسية المترتبة على التحالفات والإتفاقيات الجديدة وفي كل الأحوال فأن لإيران هواجس وريبة إزاء ما يجري في المنطقة وهي معروفة بقدرتها على المناورة الديبلوماسية وفي اعتقادي فأنها لن تلجأ الى التصعيد ولكنها ستوجه رسائل تفيد أن بأمكانها إفساد الكثير من الصفقات إعتمادا على أدواتها ونفوذها في عدد من الدول وبناءا عليه فمن المرجح استمرار لعبة الشطرنج والشد والجذب بين الأطراف المتصارعة وكل طرف سيهيأ سلته بما يمكن من أوراق الضغط استعدادا (لمؤتمر يالطا) جديد قد يعقد على أنقاض حروب الشرق الأوسط ويعاد بموجبه عقد الصفقات وتقسيم النفوذ وربما ترميم أو إعادة رسم الخرائط المريضة والهرمة وحتى ذلك الحين فأن الوضع منفتح على العديد من الإحتمالات وأولها استمرار الحرائق والنزيف وأن الصراع بالوكالة سيستمر والشعوب هي الضحية في المقام الأول وهي من سيدفع الثمن من دماء أبنائها ومن ثرواتها المهدورة وستدخل نادي الخاسرين بكل تأكيد وتبتعد عن كل ما هو مستنير وتقدمي في العالم المتحضر.. لن يستفيد أحد من صراع (ترامبي – خليجي – إيراني) جديد ونأمل أن لا تنجرف دول المنطقة لصراع يستنطق نزعة الثأر والعصبية والطائفية المقيتة لأن حصاده تدميري وخرابه ليس له حدود..

*(مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وعمليات بغداد)

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..