لماذا تأخر تحرير قضاء تلعفر؟ وهل الأسباب سياسية أم عسكرية؟ وما هي الأهمية الإستراتيجية للقضاء من الناحية العسكرية؟(تحليل) بقلم المستشار ضياء الوكيل

تلعفر أرض حيوية ذات بعد تعبوي واستراتيجي وتعدّ المفتاح العسكري للمناطق ( جنوب دهوك، ربيعة، جبل وسهل سنجار، صحراء نينوى، غربي مدينة الموصل ، الحدود السورية شرقي الحسكة ) إضافة الى أنها نقطة مواصلات استراتيجية تتوسط الموصل والحدود والمناطق الأخرى وقد حظيت تلعفر باهتمام المؤسسة العسكرية العراقية وأنشأت فيها مطار عسكري كبير يضم عدة مدارج وملاجئ للطائرات مع إقامة معسكر دائم مع بنية تحتية لوجستية قادرة على استيعاب حشد عسكري مقاتل، وبعد احتلال تلعفر من قبل داعش عام 2014 استخدمها منصة لوجستية ومركز قيادة وسيطرة واستقبال وتدريب للمجندين الوافدين من الخارج وقاعدة انطلاق لشن هجمات حرب العصابات على خطوط إمداد القوات المنفتحة بنظام معركة هجومية في الصحراء وعلى الحدود بهدف تحرير الأرض العراقية من دواعش الإرهاب والفتنة…

السؤال هنا:

إذا كانت تلعفر بهذه الأهمية الإسترتيجية لماذا تأخر تحريرها؟ وهل الأسباب عسكرية أم سياسية؟

في اعتقادي لا يمكن النظر  الى الجغرافية العسكرية لقضاء تلعفر بمعزل عن البعد السياسي وهذا ما يسمى ( الجيوسياسي) فضلا عن الجانبين التاريخي والإجتماعي للمدينة وضرورة الأخذ بالإعتبار ما شهدته البلدة بعد العام 2003 من فتنة طائفية اتسمت بالقسوة وتركت جروحا غائرة وعميقة  وتصدعا خطيرا في النسيج الإجتماعي لأبناء المكون التركماني الذي عُرف بالتسامح وحبه للسلام على مدى تاريخه الطويل.. وبناءا عليه فأن تأخير تحرير القضاء أسبابه سياسية وليست عسكرية لأن الحشد العسكري المكلف باقتحام المدينة وتحريرها اكتمل منذ فترة من النواحي اللوجستية والجاهزية القتالية والخطط الحربية وبانتظار الأوامر ، ولا شك أن عملية التحرير لها تأثير سياسي ثلاثي الأبعاد ( محلي،إقليمي،دولي) وكلآتي:

(أي علاج لقضية تلعفر يجب أن يكون مهدئا لأكثر من طرف / يجب أن يرضى عنه الشيعة، ويقبل به السنّة، ويطمئن لهُ التركمان، ولا يتحسس منه الأكراد، أما الإقليمي فأن أي إجراء عليه أن يأخذ بالإعتبار تبديد مخاوف وهواجس أنقرة..!!، وعلى الصعيد الدولي فأن المطلوب من الولايات المتحدة والتحالف الغربي توفير الغطاء والدعم العسكري والسياسي لهذه المعركة وضمان استقرار القضاء بعد تحريره لأنه بوابة الحرب والسلام في نينوى) وهذا الموقف المعقد قد يعطي تفسيرا لأسباب تأخير تحرير هذه المدينة المهمة مع الأخذ بالإعتبار أن تأخير حسم المعركة في هذه المناطق من الناحية العسكرية يوفر فرصة للعدو لإعادة تنظيم صفوفه والتقاط الأنفاس والتكيف مع الوضع الجديد وكان يفترض عسكريا استثمار حالة الإنكسار والهزيمة والشعور بالإحباط لدى عناصر داعش بعد هزيمتهم المزلزلة في الموصل بزيادة الضغط العسكري على الفارين باتجاه الصحراء وملاحقتهم والحاق المزيد من الخسائر بهم وضرب ملاذاتهم في عمق الصحراء ووضعهم دائما في حالة من الإرتباك والمطاردة وعدم الاستقرار لإضعاف قدراتهم على شن أية عمليات ارهابية مضادة حتى وإن كانت فردية أو انتقامية وفي كل الأحوال اعتقد أن معركة تحرير تلعفر باتت قريبة وسيخرج الدخان الأبيض معلنا ساعة الصفر لتبدء مرحلة جديد من الحرب لتحرير ما تبقى من المناطق التي لا زالت تحت سيطرة داعش ومنها ( تلعفر ومحيطه، الحويجة، القائم، عنه، راوه، وبعض الجيوب في الشرقاط وحمرين) واعتقد أن جهودا تبذل على الصعيد الإنساني لتوفير مستلزمات الإيواء والإغاثة للنازحين المحتملين من القضاء لتكتمل صورة المشهد بكل الأبعاد والتفاصيل…

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..