شرايين العراق مرتبطة بشرايين المنطقة ولا يمكن للعراق أن يعيش بمعزل عن محيطه العربي والإقليمي وهذا التوصيف ينطبق على دول الجوار أيضا، وإذا كان البعض ينظر بعين القلق والشك والريبة لتنامي قوة العراق وتعافيه من كبوته ونهوضه من جديد فذلك تصور وتقييم غير واقعي وتدحضه حقائق التاريخ والجغرافية التي أثبتت أن قوة العراق ووحدة أراضيه واستقرار نظامه السياسي القائم على التداول السلمي للسلطة هي ضمانة لأمن واستقرار المنطقة وعلى العكس من ذلك فأن اضعاف واستباحة وتقسيم العراق يشكل بؤرة توتر وتصدع واضطراب مخيف ومرعب ينذر بفوضى ومخاطر جسيمة على مجمل الوضع الإقليمي، وقد أدرك العراق وجيرانه هذه الحقيقة المغيبة لأسباب سياسية والإتجاه الآن هو تجاوز المرحلة السابقة بتداعياتها ومرارتها مع توفر الإرادة والقناعة بفتح صفحة جديدة من العلاقات تقوم على مبدأ التعاون والإحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واعتماد سياسة الإنفتاح على بغداد التي أكدت بدورها انفتاحها على الجميع دون استثناء وشهدت الفترة الماضية زيارات مهمة للسيد العبادي الى الرياض والكويت وطهران فيما تبادلت الزيارة واللقاء وفود عسكرية وسياسية واقتصادية رفيعة المستوى من الأردن والسعودية مع العراق وأثمرت عن نتائج مهمة أبرزها فتح معبر (عرعر) مع السعودية وتعاون ثنائي على الصعيدين الأمني والاقتصادي فيما شهدت العلاقات مع الأردن تطورا ملحوظا بانتظار فتح معبر طريبيل وتأمين الطريق الدولي وضمان أمن الحدود وتعزيز التعاون اللوجستي والإستشاري والمعلوماتي بين كلا البلدين الجارين، وفي اعتقادي أن هذا الإنفتاح يمهد الطريق لتعاون أكبر على الأصعدة كافة مع دول الجوار وبما يخدم آمال الشعوب وتطلعاتها للعيش بسلام واستقرار واجهاض مخططات الإرهاب والفتنة والتطرف..
وتؤشر الزيارات المتبادلة والتحركات الدبلوماسية النشطة بين العراق وجيرانه الى جملة من الحقائق والأهداف وأهمها:
- الرغبة المشتركة في تعزيز أواصر التعاون والتنسيق المشترك..
- تقارب في وجهات النظر إزاء التحديات القائمة والمحتملة وسبل المواجهة المتاحة..
- منح الجهود السياسية المبذولة زخما اضافيا وبعدا معززا على الصعيد العملي..
- تحقيق التنمية الاقتصادية وتطوير التجارة البينية وأسواقها وتشجيع الإستثمار..
- تطويق الصراعات المتفاقمة وايقاف التدهور الخطير الذي تشهده المنطقة..
- قطع الطريق على مخططات الإرهاب والتطرف الذي يعتاش على الخلافات والأزمات والفشل والإضطراب والتصدع الإقليمي..
- يعتمد العراق سياسة متوازنة في علاقاته الإقليمية ويؤكد أن انفتاحه على دول الجوار لن يكون على حساب علاقاته مع ( إيران) وينأى بنفسه عن سياسة المحاور والتكتلات ويلتزم الحياد الإيجابي..
أثبت العراق عبر مواقفه المعتدلة أنه متمسك بسياسة التعاون البنّاء والجسور المفتوحة وتحسين العلاقات مع دول الجوار التي تشاطرهُ الرأي والتوجه وتتفاعل مع سياسته عبر زيارات ولقاءات واتفاقيات تكرس لمرحلة جديدة من العلاقات وتفصح عن ملامح صورة وصيرورة جديدة للشرق الأوسط…