شهدت المناطق الممتدة ما بين (شمالي ديالى وجنوب غربي كركوك مرورا بطوزخرماتو وكفري ،داقوق، الحويجة وحمرين والمناطق المجاورة) خلال الفترة الماضية اختراقات أمنية ونشاطات إرهابية خطيرة نفذتها (وفقا لتوصيف البيانات الرسمية السابقة)..(جماعات خارجة على القانون) وفي اعتقادي ان هذا التوصيف والتقييم غير واقعي ولا يعبر عما يجري ميدانيا ويحتاج الى اعادة النظر بعد الهجوم الغادر الذي تعرض له رتل الحشد الشعبي في منطقة السعدونية جنوب غرب بلدة الرياض قضاء الحويجة وأدى الى استشهاد ( 27) من مقاتليه وجرح عدد آخر وهذا ليس الهجوم الأول في هذا العام فقد تعرض أحد مقرات الحشد الشعبي العشائري في منطقة الغريب التابعة لقضاء الحويجة لهجوم مماثل أدى الى استشهاد (3) من مقاتليه وجرح آخرين في 24 كانون الثاني الماضي..
إن هذه الهجمات الإرهابية تؤكد خطورة الوضع في المناطق المستهدفة وتظهر أن الإرهاب يحاول استدراج الحشد الشعبي خصوصا والقوات الأمنية بشكل عام الى حرب عصابات واستنزاف بالتعرض عليها بهجمات آتخذت أساليب ( الكمائن والكر والفر والعبوات الناسفة وقصف بالهاونات) بهدف تصعيد التوتر الأمني وإثارة القلق على خطوط التماس والإحتقان الطائفي ، والتحليل الأولي يؤشر لنا أن داعش وإن هزم عسكريا وانهارت بنيته القتالية والقيادية وسقط مشروعه السياسي العنيف إلا أنه وكما يبدو لا زال قادرا على القيام (بهجمات إرهابية نوعية) وتسجيل إختراق أشبه (بالدفرسوار) في الجدار الأمني والدفاعي كما حدث (مساء الأحد 18 شباط 2018 )في منطقة السعدونية قضاء الحويجة، وهذا الهجوم الغادر وان كان لا يستطيع التأثير على ميزان القوى الإستراتيجي الذي يميل بشكل حاسم لصالح قواتنا المسلحة لكنه يثير القلق ويضرب عميقا في البنيان العملياتي والاستخباراتي ويصيب جرحا في صورة النصر المعمّد بدماء الشهداء لأنّه تسبب في تضحيات كبيرة وغير مقبولة على صعيد الموقف القتالي،ونخلص الى القول أن الحرب ضد الإرهاب لا زالت قائمة والمواجهة مفتوحة وتتسع لجولات جديدة وأن الإرهاب يلقي بضلاله القاتمة على المناطق المحررة مما يستدعي اعادة النظر بتقييم وتقدير الموقفين القتالي والدفاعي وتعديل التوصيف العملياتي للجماعات التي تنشط في تلك المناطق من ( خارجة على القانون) الى (عصابات ارهابية داعشية) وبناء الخطط القتالية والإستخباراتية استنادا لهذا التصنيف والتوصيف والمعنى وبما يحبط الهجمات الإرهابية المضادة ويطارد ما تبقى من فلول الإرهاب وعدم السماح لها بإعادة تنظيم صفوفها أو ممارسة نشاطاتها الإرهابية مجددا.. مع أهمية التركيز على المسار السياسي وحل المشاكل العالقة مع الإقليم وسد الزوايا الميتة التي يتسلل من خلالها الإرهاب الذي يعتاش على الخلافات والصراعات الطائفية والقومية والتصدعات الإجتماعية والسياسية وبما يوفر أجواءا من الإستقرار والثقة وبيئة مناسبة وآمنة للتعايش السلمي بين مكونات تلك المناطق ( العربية والكوردية والتركمانية) وهذه المسارات تحقق استراتيجية الأمن الوطني وتغلق الأبواب في وجه الإرهاب… ( الرحمة للشهداء الأبرار والشفاء للجرحى بأذن الله تعالى)
*( مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وعمليات بغداد)