أين نضع الغارة العراقية العابرة للحدود السورية ..سياسيا وعسكريا ( تحليل) بقلم ضياء الوكيل

الولايات المتحدة الأمريكية تمهد المسرح السياسي والعسكري لإنسحاب قواتها من سوريا وتسند مهامها الى القوات المحلية والحليفة والصديقة… وهذه الاستراتيجية الدفاعية لواشنطن تسعى الى ( خصخصة الحرب على الإرهاب) لتقليل التكاليف المادية والبشرية مع المحافظة على المصالح الأمريكية والتوازن الاستراتيجي في المنطقة، ومن ملامح هذا التوجه دعم قوات سوريا الديمقراطية عسكريا وماديا لفرض سيطرتها على مناطق شرقي الفرات حتى الحدود العراقية وشمال شرق سوريا بمحاذاة الحدود التركية باتجاه منبج في حين يدخل ( الكيان الإسرائيلي ) في اللعبة بصفته العصا الغليظة التي تهوي على ظهر من يرفع رأسه معترضا على المخططات الأمريكية والأمر مفتوح على إشراك قوات عربية في وقت لاحق، أما العراق فله دور في العمليات الجوية العابرة للحدود السورية لملاحقة تنظيم داعش وبالإمكان تطوير الدور العسكري بإشراك قوات النخبة بعمليات كوماندوز سريعة في المناطق المحاذية للحدود…

وتأتي الغارة الجوية العراقية يوم الخميس 19 نيسان 2018 التي حظيت بضور أخضر من واشنطن بدلالة اشتراط الموافقة المسبقة لاستخدام (أف 16 ) خارج الحدود العراقية وفقا لبروتوكول الصفقة.. لتشكل إختبارا عمليا للقرار السياسي العراقي الذي جاء منسجما ومستجيبا لهذا التوجه الذي يناقض في الأصل موقفا عراقيا سابقا يتجنب التدخل في الحرب الدائرة على الأراضي السورية وينأى بالعراق عن سياسة المحاور والأحلاف في المنطقة.. وهذا الاستنتاج يقدم إجابة على السؤال المفتاحي المهم ( لماذا لم تنفذ الطائرات المقاتلة الأمريكية والغربية تلك الضربة وهي تغطي سماء المنطقة المستهدفة بعشرات المقاتلات وبأكثر من مستوى قتالي..؟؟) ومع التأكيد أنه كان بإمكانها ذلك ولكن الأساس في الغارة ليس البعد العسكري وإنما الرسالة السياسية التي تقرأ على النحو الآتي: ( إن واشنطن جادة في الانسحاب من سوريا وتعتمد مقاربة جيراسيموف لسد الفراغ العسكري المتوقع وتتخذ جملة من الترتيبات بما فيها اسناد دور اقليمي للعراق ربما يشكل استدراجا أو توريطا له في المستنقع السوري ليلعب دور المحارب الوكيل في مكافحة الإرهاب مما يضيف أعباءا مادية وبشرية تثقل كاهل العراق الذي يعاني من أزمات متعددة مقابل مكاسب سياسية وعسكرية غير مجدية قد تستثمر انتخابيا والموقف الأفضل في اعتقادي هو تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود مع سوريا وملاحقة داعش والارهاب داخل الأراضي العراقية وتنشيط الجانب الاستخباراتي بالتعاون مع دول الجوار والتحالف الدولي واعتماد سياسة الجسور المفتوحة مع الجميع مع احترام السيادة وعدم التدخل والنأي بالنفس  وفي ذلك تحاشي للمخاطر وتقليل للخسائر والحفاظ على أمن وجاهزية القوات المسلحة وتكريس لعقيدتها العسكرية التي تتخذ من الدفاع عن العراق عنوانا وطنيا لها استنادا للدستور)..

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..