العراق بحاجة إلى حكومة تنقذ البلد من حالة التدهور والانحدار والفشل .. حكومة تضمّد الجراح وتوقف النزيف وترمم الصدع وتجمع الشتات وتستعيد دولة المؤسسات ليلتقي في رحابها الجميع على أساس الشراكة والمساواة والعدالة.. دولة تحتكر السلاح وتضمن الأمن وتصون السيادة وتدافع عن الحدود.. دولة مدنية حديثة وقوية تحترم القانون والدستور ويتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.. دولة تنتصر للضعيف وتحاسب القوي وتنصف المظلوم وتحارب الفساد والإرهاب وتتصدى للتطرف والتعصب والفتنة.. دولة الرعاية والحماية والتحضر والخدمات والبناء والكرامة.. دولة تنأى بنفسها عن سياسة المحاور والأحلاف باعتماد الحياد الإيجابي المنفتح على المحيط الإقليمي والدولي.. دولة تعالج التآكل الأخلاقي والإنهيار ألقيمي والإنقسام المجتمعي وتستعيد الإنسان وتنتشل البلد من المحاصصة والطائفية والأعراف والأفكار الوافدة من الكهوف المعتمة.. دولة تسترجع الهوية والقرار الوطني إلى عهدة الوطن وأبنائه..
ليس المهم من هو رئيس الوزراء القادم وإلى أي كتلة ينتمي بل المهم برنامجه الوطني وقدرته على اتخاذ القرارات الصعبة بمؤازرة واسناد الشركاء في الحكومة المقبلة.. الوقت جنرال متحكّم وعلينا أن ننظر إلى ساعة الزمن ونتشبث بالفرصة التي ما زالت سانحة وتتسع للمزيد من الجهد والعمل الجاد لتجنب الكارثة وإنقاذ البلد من هاوية محققة.. لا شكّ أن المنطقة أمام انفجار هائل وانهيار محتمل والنيران على الأسوار وعلينا التحسب والتيقظ والانتباه لما يجري خلف الحدود وما يحاك في الدهاليز المظلمة.. خيارنا الدولة وبدونها الضياع والانقسام والتخلف والفشل.. في غياب مفهوم الدولة نسلّم مفاتيح الحاضر والمستقبل للمجهول ونبتعد عن كل ما هو متحضر ومستنير في هذا العالم.. نأمل أن يرتقي الحراك السياسي القائم إلى مستوى التحدي المصيري الذي يواجهه العراق وحتى تتضح الصورة لنا كلام آخر والعرب تقول الإنتظار خيرُ مستشار…
*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع العراقية