وزير الخارجية الفرنسي يتعهد من بغداد بتقديم قرض للعراق بقيمة (مليار يورو) لإعادة الإعمار على حد وصفه وهذا خبر جيد في شكله ولكنه مستغرب في توقيته لأنه يتزامن مع أزمة مالية حادة تعانيها فرنسا وربما يعلق البعض أن باستطاعة الرئيس ماكرون حل جانب من أزمته المتفاقمة مع أصحاب الستر الصفراء بهذا المبلغ بدلا من تقديمه للعراق مما يثير تساؤلات مهمة لعل أبرزها: ما المطلوب من العراق لقاء هذا القرض السخي..؟؟ والإجابة تستدعي الربط مع موقف غربي آخر وهو إعادة الإنتشار العسكري الأمريكي في المنطقة والذي يمهد المسرح العراقي والإقليمي لانقلاب استراتيجي يعتمد تغيير أنماط الصراع وموازين القوى والمعادلات القائمة مع التلويح باستخدام القوة العسكرية والإقتصادية وكل وسائل الضغط المتاحة لتحقيق أهداف سياسية غربية، ونوايا واشنطن لم تعد خافية واستهداف الحشد الشعبي ورد في سياقها المفترض والأخبار تؤكد ما ذهبنا إليه في تحليلاتنا السابقة وما نشير إليه في هذا التحليل المقتضب .. أذن نحن أمام عرضان كتبتهما يدٌ واحدة.. الأول قرض فرنسي مغري والثاني ترهيب أمريكي مسلح.. وما بين ترغيب الجزرة الفرنسية وترهيب العصا الأمريكية يسجل العاهل الأردني حضوره اللافت ليستثمر في هذا البازار بذكاء سياسي معهود في حين يراقب وزير الخارجية الإيراني هذا العرض المسرحي من مرصد سياسي قريب.. وختاما أقول لا تفرحوا بالقرض الفرنسي فهؤلاء ليسوا جمعية خيرية ولا تهابوا السلاح الأمريكي ولكن خذوا حذركم.. فكلاهما يناور ويعبأ مشروبا استعماريا قديما بزجاجات جديدة..
*مستشار ومتحدث سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وخبير في شؤون الأمن والدفاع