جريدة رأي اليوم ( الجمعة 15 أيار 2015)/ الصراع السعودي الايراني يتأجج ويدخل دائرة الانفجار الشامل.. واتهامات رجل ايران القوي بروغردي للعاهل السعودي بالخيانة تجاوز لكل الخطوط الحمراء.. هل تغير الموزاين العسكرية في سورية لصالح المعارضة هو السبب؟ ام “عاصفة الحزم” في اليمن؟ التصريحات القوية وغير المسبوقة التي ادلى بها يوم امس السيد علاء الدين بروغردي رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني اثناء مؤتمر صحافي عقده في دمشق، وتهجم فيه على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بعبارات خارجة عن المألوف في الاعراف السياسية والدبلوماسية، تعكس حجم التدهور في العلاقات السعودية الايرانية، واقترابها من حافة المواجهة باشكالها كافة. تبادل الاتهامات بين الجانبين السعودي والايراني ليس جديدا، ولكن ان تصدر مثل هذه الاتهامات بـ “التخوين” من رجل مثل السيد بروغردي، الذي يعتبر واحدا من اهم خمسة قادة في طهران، فهذا امر يعكس مدى “الغضب” الايراني من التحالف السعودي التركي الجديد الذي احدث انقلابا في موازين القوى في جبهات القتال على الارض السورية لصالح المعارضة السورية المسلحة، التي كثف هذا التحالف دعمه لها ماليا وتسليحيا في الفترة الاخيرة.
السيد بروغردي يزور سورية، ويلتقي رئيسها بشار الاسد في توقيت مدروس بعناية فائقة ولتحقيق عدة اهداف:
· الاول: تأكيد الدعم الايراني المطلق للرئيس السوري، وتبديد كل الشائعات والتقارير التي افادت بأن الاتفاق النووي الايراني مع الدول الست العظمى برئاسة الولايات المتحدة ينص في بعض بنوده على تخلي ايران عن الرئيس السوري ونظامه، ولذلك حرس السيد بروغردي على التأكيد على نفي هذه الشائعات عندما قال “اتينا الى سورية لنعلن مجددا بأن دعمنا لها حكومة وشعبا هو دعم ثابت ودائم ونحن نفتخر بهذا الدعم”.
· الثاني: التنسيق مع القيادة السورية حول كيفية تغيير المعادلة في ميادين القتال لصالح الجيش العربي السوري، بعد تحقيق المعارضة المسلحة المدعومة سعوديا وتركيا عدة مكاسب، ابرزها الاستيلاء على مدينتي ادلب وجسر الشغور في الشمال الغربي، وبصرى الشام في الجنوب، قرب درعا، وما زال من غير المعروف ما اذا كانت ايران سترسل قوات خاصة للمشاركة في القتال الى جانب الجيش السوري، اسوة بحزب الله حليفها اللبناني، ام انها ستكتفي بارسال مستشارين عسكريين واسلحة وذخائر متقدمة.
هناك عبارة لافتة وردت في المؤتمر الصحافي الذي عقده في دمشق وهي التي قال فيها “ايران تعمل جاهدة من اجل تغيير السياسة التركية تجاه سورية”، دون ان يحدد كيف، وما هي الادوات التي ستستخدمها ايران في هذا الصدد.. فهل هي ادوات اقتصادية ام سياسية، ام دبلوماسية ام حتى عسكرية؟
هناك اوراق ضغط عديدة يمكن ان تستخدمها ايران اذا ما ارادت تغيير السياسة التركية في سورية في رأينا، ابرزها ورقة التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما حوالي 30 مليار دولار سنويا، وربما يقل اعتماد ايران على تركيا في حال رفع الحصار الاقتصادي عنها بمقتضى الاتفاق مع الدول العظمى، اما النقطة الاخرى فهي امنية بامتياز، فهناك حدود مشتركة بين البلدين، ويمكن دعم بعض الجماعات المسلحة، وتثوير بعض الاقليات العرقية والطائفية في تركيا (الاكراد والعلويين)، ولكن استخدام هذه الورقة سلاح ذو حدين، ومحفوف بالمخاطر.
الصراع السعودي الايراني يتصاعد ويزداد سخونة يوما بعد يوم، ويقترب بصورة متسارعة من الانتقال من مرحلة المواجهات السياسية والحروب بالوكالة الى المواجهات العسكرية المباشرة اذا لم يتم تطويقه من خلال حوار جدي لتسوية الملفات الاقليمية الملتهبة التي تتورط فيها الدولتان.
الاحتقان كبير، والحروب الكلامية قد تقود الى مواجهات عسكرية، ولا نفهم لماذا لا يجلس الطرفان الى مائدة الحوار للتفاهم، وايجاد حلول للقضايا الخلافية بينهما؟ فايران التي تفاوضت مع الشيطان الاكبر (امريكا) لماذا لا تتفاوض مع السعودية الدولة الاسلامية، والسعودية لماذا لا تحذوا حذو امريكا الدولة العظمى وتتفاوض مع ايران؟
نطرح هذه الاسئلة وان كنا نعرف الاجابات مسبقا، وتتلخص معظمها في كلمة واحدة ” العناد” و”الغطرسة”، والتنازل للغرب، وليس للشقيق العربي المسلم.
“راي اليوم”