الحقيقة في زمن الخداع.. بقلم ضياء الوكيل*


في البصرة عدّة أجهزة أمنية، وقيادة عمليات عسكرية، ومركز عمليات مشترك، وعشرات الألوف من المنتسبين، ومئات العجلات العسكرية والأمنية، ومشاجب متنوعة من الأسلحة وبمختلف العيارات، وميزانية مالية هائلة تشمل الرواتب والدعم والمعدات والإسناد، كل هؤلاء يعملون تحت علم الدولة العراقية، وشرعية المؤسسات، وولاية القانون، ومهمتهم الأمنية المسندة إليهم بموجب الدستور، هي حماية أرواح وممتلكات المواطنين، وبسط الأمن وفرض القانون في الشارع والمدينة، ولكن الحقيقة المرّة على الأرض تروي عكس ذلك، فالدماء استبيحت في الشوارع، وفي رابعة النهار، وغاب القانون، وفقد الأمان، وساد القتل، والجريمة المنظمة، والفوضى، وحروب العشائر، والإفلات من العدالة، وشاع الخوف والقلق بين الناس..!!، وهذا الوضع الخطير ينذر بما هو أسوأ، ويطرح جملة من الأسئلة ولعل أبرزها: لماذا تدهور الوضع الأمني بهذا الشكل المريع ؟؟ وأين الخلل في هذا الخرق الجسيم ؟؟ ومن المسؤول عن الإخفاق والفشل والعجز في الملف الأمني ؟؟ هذا المشهد المضطرب والمخضّب بالدماء والضحايا، يضع مهنية وشرعية وسمعة الأجهزة الأمنية والعسكرية المكلفة بالواجب، أمام إختبار وتحدي من قبل نفر ضال من المجرمين والقتله المارقين، ولا توجد منطقة رمادية في تنفيذ الواجب الوطني، والتصدي لهؤلاء المجرمين، فمن يستبيح دماء المدنيين العزّل في الشوارع، ويذبح فتاة شابّة بعمر العطاء والأمل، وقبلها كثير، إنّما يستهدف نسف صورة رجل الأمن في نظر  المجتمع، ويحاول إلحاق أقصى الضرر بسمعة الأجهزة الأمنية بصفتها حامية للأمن والقانون والإنسان، وبالتالي كسر هيبة الدولة وإضعافها، بوضعها في موقف العاجز عن بسط الأمن وحماية المواطن، أيّها القابضون على جمر الواجب والأمانة  التي أقسمتم على حملها وصيانتها وحمايتها بدمائكم وأرواحكم، هذه الكلمات الموجوعة بغضب الرجولة، والشرف المهني، تعلم ويعلم صاحبها أنّكم مدججون بحبّ العراق، ولكنكم الآن أمام مفترق طرق، فأمّا تتحملون المسؤولية القانونية والأخلاقية في حماية أرواح ودماء المواطنين، وتنفيذ المهمة الوطنية المسندة لكم، وتحافظون على هيبة الدولة وسمعتها، وسمعتكم، وتصونون الشرف العسكري والمهني، أو تتنحون جانبا، وتتركون المهمة لمن هو أكثر قدرة وكفاءة وشجاعة واستعداد للتضحية من أجل تنفيذ الواجب، وهؤلاء الرجال كثيرون والحمد لله، ولكن ذلك لا يعفيكم من المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه الدماء التي نزفت.. نقول ذلك ويحدونا الأمل بأن تتوصل الجهات المعنية الى الجناة بأسرع وقت ممكن، وأن تحيلهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، وبما ينصف الضحايا، ويطمئن ذويهم، ومن ينتظر من الدولة القيام بواجبها تجاه المواطنين، فعلا وليس قولا أو وعود، وأن لا تقيّد الجرائم ضد مجهول، فيقتل الضحية مرتين، يقول الروائي البريطاني ( جورج أورويل).. (في زمن الخداع يصبح قول الحقيقة عملا ثوريا)..

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وقيادة عمليات بغداد(2012-2013)

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.