مشروع (قانون جرائم المعلوماتيه)، يضم جملة من العقوبات المشددة، وبسقف عالي وغير مسبوق، تصل فيها الى السجن المؤبد وغرامات بعشرات الملايين من الدنانير، على قضايا وتُهم قابله للتفسير والتأويل المزدوج، وتتداخل وتتقاطع فيها فكرة وحقوق حرية التعبير والرأي، وهذه العقوبات المشددة لوحدها كفيلة، بعقد الألسن، وتكميم الأفواه، وخنق الحريات، في أذهان الناس ووجدانهم ونفوسهم، قبل أن تأخذ طريقها إلى التصريح أو النشر عبر الحواسيب والورق والشاشات، هذا القانون بما فيه من (عبارات فضفاضة وغير محكمة) يشبه طوقا ذهبيا يزيّن الأعناق شكلا، وقد يخنقها في لحظة فارقة، وهو أسلوب ناعم يتعدى أغراض الإصلاح، ومقاصد الردع، إلى فرضيات الإنصياع والرضوخ وترويض الأفكار والأقلام الحرّة، وفي إعتقادي أن من ينتهكون الحريات العامة في الفضاء الألكتروني تلاحقهم الأجهزة المعنية بالأمن السيبراني ولا يحتاجون الى قانون عقوبات جديد فالقوانين النافذه فيها ما يكفي من العقوبات والردع، أمّا الإصرار على تمرير هذا القانون في ظروف غير مناسبة، فيثير الكثير من علامات الإستفهام، ولست مقتنعا بالدوافع والأهداف والغايات التي تستتر خلف واجهاته المتعددة، ومن الأجدر بأصحاب هذا المشروع البحث عن مشاريع وقوانين تعالج الأزمات المستعصية التي يعاني منها العراق، بدلا قوانين تثير الخلاف والإنقسام والجدل، وأفضل لها من الإنزلاق الى خطيئة المعركة ضد الحريات والمباديء التي كفلها الدستور، نحتاج إلى أنظمة وقوانين ضابطة لاستخدام السلطة، ومحاربة الفساد، ومراقبة المؤسسات القوية، وليس الى قوانين التقييد والتشديد والتخويف والمراقبة والتعقب، فلسنا نظاما سلطويا أو بوليسيا، إستثمروا في بناء الإنسان بدلا من بناء السجون والإستثمار في الخوف والتخويف، فلم تبقي هذه القوانين من (الديمقراطية المفترضة) غير (شعارات جوفاء) ليس لها قيمة تذكر في معايير الحرية وحقوق الإنسان..
شاهد أيضاً
من بين دخّان البنادق..بقلم ضياء الوكيل*
إن نجت من هذه الفرضية فذلك ليس لقوة فيها، إنّما لضعف عند خصومها..