العودة لمنطق القوة والحرب.. (تحليل) بقلم ضياء الوكيل

بلغت ميزانية الدفاع الامريكية للعام (2021) ما قيمته ( 740) مليار دولار، بزيادة كبيرة وصفت (بالهائلة) في مجال الإنفاق على البرامج النووية والأسلحة البالستية العابرة للقارات، وبنسبة زيادة قدرها 20% وفقا لتقرير مجلة ( تايمز الأمريكية)، وجاءت في إطار مواجهة (لمنافسين محتملين) هما الصين وروسيا حسب ما جاء بذات التقرير، وللمقارنة نذكر أن الميزانية الدفاعية للصين للعام الحالي بلغت ( 175) مليار دولار وهي الثانية بعد أمريكا على مستوى العالم، أما روسيا التي تحتل المرتبة الثامنة عالميا في الإنفاق العسكري فقد أقرّت حكومتها في شهر أيلول الماضي ميزانية الدفاع للأعوام الثلاثة (21،22،23) ما يقدر ( 125) مليار دولار، وكان وزير الدفاع الروسي( سيرجي شويجو) قد علّق على ميزانية الدفاع الأمريكية بالقول أنها تعادل الإنفاق الدفاعي لكل دول العالم، في حين وصفت صحيفة “سفوبودنايا بريسا” الروسية.. الميزانية الأمريكية بأنها ذات (طبيعة عدائية)..

ما أريد قوله هنا: أنّ النقطة المركزية في صناعة الإستراتيجية الأمريكية هي القوة المسلحة والتفوق العسكري والإقتصادي على المستوى العالمي، وأن الدبلوماسية الأمريكية مرتبطة ربطا لا ينفصم مع القوة المسلحة، وبينهما (زواج دائم) كما يقول كيسنجر، فالسياسة المعزولة عن القوة المسلحة سياسة عقيمة من وجهة النظر الأمريكية، ولا فرق هنا بين (رئيس ديمقراطي أو جمهوري)، فكلاهما سيحتكم في كلّ خطوة إلى ضمان المصالح الأمريكية، والتفوّق على المسرح الإستراتيجي الدولي، وعدم المساس بالنظام العالمي، والتوازنات الدولية القائمة، وخلاصة التحليل هنا أن إقرار (الميزانية العسكرية الأمريكية للعام 2021 وبهذا الحجم الهائل) تعني الكثير بما فيها أن الولايات المتحدة الأمريكية تعود لمنطق توازنات القوة العسكرية، والردع النووي، لإعادة تشكيل البيئة الإستراتيجية (الإقليمية والدولية)، ويبدو أنّ الحاسة الإستعمارية، والإرث الإمبريالي الطويل مجبول على تجاهل الذاكرة الإستراتيجية، وقوانين التاريخ، وحركة الزمن، ولا يقبل بغير السيادة العالمية المطلقة، ومن المتوقع أن يرى العالم استعراضا للقوّة الأمريكية، وتحركات عسكرية كبيرة، وإعادة إنتشار في مناطق متعددة، حتّى وإن إعتمد الديمقراطيون الأساليب السياسية الناعمة، ستبقى القوة بكل وسائلها هي وحدة القياس في الإستراتيجية الأمريكية على المدى المنظور، ومن المحتمل أن يتعرض المسرح الإستراتيجي الدولي إلى هزّات عنيفة، وأزمات خطيرة، والشرق الأوسط والخليج والعراق على خط الزلزال…

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وعمليات بغداد ( 2012-2013)

 

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.