ما الذي حدث..؟؟ بقلم ضياء الوكيل*

ما حدث يوم الأربعاء 26 أيار 2021 في المنطقة الخضراء ومداخلها والمناطق المحيطة بها، كان مشهدا مفصليا في دراما التحولات التاريخية الكبرى التي يشهدها العراق والمنطقة، وهذه التحولات لا تحدث بين عشية وضحاها لأن تفاعلاتها المعقّدة تنضج على مهل، ولا تحفر مساراتها في عقول عدد من الأشخاص حتّى وإن كانوا فاعلين أو متنفذين، إنما هو نتيجة لحقبة من التناقضات والصراعات المحتدمة بين المصالح المتدافعة، والأجندات المتصادمة في واقع ومحيط سياسي وجغرافي متوتر وخطير، وحتّى نشدّ بعض خيوط المشهد المعقّد لتكون الرؤيا أكثر وضوحا، لا بد من الاشارة الى أن القوة لها مساران:الأول (عنف القوة) وتعني الاحتكام الى السلاح، والثاني (حكمة القوة) وهي الإحتكام الى القانون، والعنف قابلة التاريخ، والحكمة قاطرة الدولة، وليس الخوف كالرجاء..، والقوّة مثل رأس المال تحب التوسع والزيادة، وأحيانا يكون لدى بعض الأطراف فائضا من القوة يستلزم الحذر والسيطرة الصارمة، وضبط الأفعال غير المحسوبة، تحاشيا للاستدراج أو الوقوع في (الأخطاء القاتلة) والأفخاخ المميتة، خاصة عندما تكون الأجواء مشحونة بالتربص والعداء، وعلى هذه الفرضية وجدت نقاطا هامة تثير الإنتباه وعلامات الاستفهام في أحداث الأربعاء ولا بد من الإشارة إليها: ( تمكن أرتال الجهات المسلحة من اقتحام المنطقة الخضراء دون اعتراض يذكر، مع ضعف التعاطي الحكومي في التعامل مع الأحداث رغم خطورتها، والتزام الصمت لساعات طويلة)،وفي اعتقادي كان بامكان الجهات المسلحة اسقاط الحكومة والاستيلاء على السلطة (لو أرادت ذلك) وكان متاحا لها من الناحية العسكرية، ولكنها تدرك أن مثل هذه الخطوة ستكون انتحارا سياسيا، وصدمة لها ارتدادات سياسية وأمنية مخيفة على أكثر من صعيد(محلي،اقليمي،دولي)، تشبه في قوتها وصدمتها انهيار جدار برلين وأحداث (11 سبتمر 2001)، وذلك ما كانت تنتظره أمريكا والغرب وبعض القوى الاقليمية في المنطقة، لتجييش مجلس الأمن والرأي العام ضد الحشد الشعبي والفصائل الاسلامية المسلحة، وتبرير مهاجمتها، ومن الملاحظ والمستغرب أن واشنطن والعواصم الأوربية لن تتخذ موقفا واضحا ومعلنا تجاه ما حدث وذلك يوجه رسائل مشوشة عن حقيقة موقفها تجاه الأحداث ويحتاج الى قراءة واعية ودقيقة، والسؤال المحوري هنا: هل فعلا كانت عملية الاعتقال استفزازا لبعض الأطراف المسلحة..؟؟ أم أن التصعيد كان حتميا،  سواءا بهذا أو بغيره..؟؟ كلّ الاحتمالات واردة في ضوء التكتم والغموض السائد، ولا أحد يستطيع الجزم إن كان الأمر مقصودا أم جاء في سياق الأحداث، ولكن المؤكد أن اللهب كان يجري في الفتيل المشتعل وتوقيت وصوله ظهر (يوم الأربعاء 26 أيار 2021 ) ووصل فعلا في أجواء يسودها التوتر والحذر، والذي خفف من شدّة الأزمة، ونزع فتيلها، وساهم في انفراج الأمور، هو ذلك الحرص الذي عبّرت عنه كل الاطراف في تجنّب الصدام والاقتتال بين الأخوة، ولكن ذلك لا ينفي إن ما حدث خطير جدا، وينذر بما هو أسوأ، وسيترك أثاره وتداعياته على مجمل الوضع السياسي والأمني في العراق..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع وقيادة عمليات بغداد(2012-2013)

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.