ما يلفت الانتباه في انتشار حاملة الطائرات البريطانية العملاقة( إليزابيث كوين) في البحر المتوسط والتي ترافقها مجموعة من السفن الحربية، والمدمرات الداعمة، والغواصات الهجومية، أنّها تحمل على متنها وحدة من (المارينز الامريكي) قوامها 250 عنصر من أصل 1700 بحار بريطاني،اضافة الى وجود عشر طائرات أف 35 أمريكية الى جانب المقاتلات البريطانية، وهذا يعني أنها قوة (أنكلوأمريكية) مشتركة بقيادة المملكة المتحدة، وذلك يعكس التحالف الاستراتيجي بين القوتين، ومن مفاعيله تبادل الأدوار مع الاسطول السادس الامريكي الذي غادرت بعض قطعه باتجاه الجنوب نحو بحر الصين والمحيط الهندي وبحر العرب بالتنسيق مع الاسطولين الخامس والسابع، وقد صرح المتحدث باسم حاملة الطائرات البريطانية أن مهمتها مقاتلة داعش في العراق والمنطقة، فيما تشير الأخبار أنها ستنضم الى الحشد البحري الغربي في جنوب شرق آسيا، مقابل الصين وكوريا الشمالية في استعراض واضح للقوّة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يحتاج ما تبقى من (داعش) الى هذه الأساطيل والأسلحة والحشود الضخمة..؟؟ أعتقد أنها في مهمة أكبر من محاربة داعش، وهي تحمل رسائل ضمنية الى أكثر من طرف اقليمي ودولي أقرأه على النحو الآتي: أن أمريكا والغرب على استعداد للعودة الى استراتيجية الردع والتلويح باستخدام القوة بتطبيقاتها العملية، واعادة صياغة الأوزان والأحجام وموازين القوى المضطربة، وتغيير أنماط الصراع ،وتثبيت الخطوط الحمراء في الفضائين الاقليمي والدولي، وذلك لا يعني أن المنطقة والعالم أمام حرب وشيكة، ولا ينفي حالة التصعيد والتوتر والتقاطعات الحرجة والضغوط الشديدة التي تسود الخرائط السياسية والاستراتيجية فيها، ومن تداعياته هذا الاستعراض والتحشيد العسكري غير المسبوق والدقّ على طبول السلاح والحرب، (ومن لا يسمعها فهو أصم كما يقول كيسنجر )، والعراق ليس ببعيد عمّا يجري…
*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع(2012-2013)