الوجه الآخر.. بقلم ضياء الوكيل*

انتهت الانتخابات النيابية المبكّرة في العراق، والقراءة الأوليّة تُظهر عدّة حقائق وأبرزها: أولا/ أنها شهدت تحشيدا إعلاميا وسياسيا غير مسبوق لتشجيع الناخبين على المشاركة فيها، ومن الناحية الشكلية فذلك يدخل ضمن قواعد اللعبة الديمقراطية، لأن ارتفاع وانخفاض نسبة المشاركة يعدّ معيارا في تقييمها، ولكن الوجه الآخر والأعمق للموضوع يطرح التساؤلات الآتية: هل كان ذلك التحشيد بدافع التغيير والإصلاح فعلا..؟؟ وإن كان كذلك، كيف يتم التغيير وليس أمام الناخب إلا المفاضلة بين سلع متشابهة باسثناء القليل وهو غير مؤثر..؟؟ هل هي محاولة لتكريس الخريطة السياسية القائمة حيث تلتقي المصالح المؤثرة في المشهد العراقي، مع بعض التعديلات التي لا تغير من جوهر البناء السياسي ؟؟ وحتّى المُبْحِرون على انفراد قد يغادرون مراكبهم الصغيرة ليصعدوا الى السفن الكبيرة طلبا للنجاة في بحر مضطرب ومتلاطم الأمواج، وذلك محتمل ومتوقع، الحقيقة الثانية: أن الطابع الذي ميز الانتخابات هو التوجه (القومي، المذهبي، العشائري، المناطقي) في التنافس الانتخابي، وذلك يقسّم البلد الى إقطاعيات وامارات ومناطق تتناقض مع مفهوم التنافس الديمقراطي وتكافؤ الفرص من أجل بناء الدولة ورفاهية المجتمع، لا أستطيع أن أقارن مع الديمقراطيات العريقة فما زالت التجربة في العراق فتية وغير مكتملة ولكن لا بأس من الاستشهاد بأمثلة بسيطة وواقعية ( حيث يستطيع مغترب هندي أن يصبح عمدة للعاصمة البريطانية لندن بالتنافس وليس بالتعيين، وطبيب عراقي يصبح وزيرا للصحة في دولة أوربية، ومغترب سوري يتنافس على عضوية البرلمان في السويد، وأن يصبح المهاجر اللبناني ميشال تامر رئيسا للبرازيل، ومواطنه كارلوس منعم رئيسا للأرجنتين) أين نحن من هذه الأمثلة، وهل نستطيع تطبيقها في العراق الآن أو  في المستقبل وفق هذه الرؤية السياسية القاصرة..؟؟ ما يجري هو تقسيم وانقسام لا يساعد على بناء الدولة القوية التي تحمي الوطن والمواطن، وإنّما تأسيس لمراكز قوى تنافس الدولة في سلطاتها، الحقيقة الثالثة: أن الانتخابات المبكّرة التي شهدها العراق في (العاشر من تشرين الأول الجاري) رافقتها إجراءات أمنية حاسمة وجادة ساهمت في توفير بيئة آمنة للناخب والعملية الانتخابية، وتلك جهود تستوجب الإشادة برجال القوات المسلحة فلهم صادق التحية والتقدير، وفي الختام فأن ما طرحناه يحتاج إلى إجابات غير مسيسة تساهم في بلورة رأي علمي وواقعي رصين يخدم العراق ومصالح شعبه، وفي العموم أمام (الفائزين) مسؤولية وطنية كبيرة، وهذه جولة بالنسبة (للخاسرين) وليس نهاية السباق، الإخفاق يستوجب المراجعة ودراسة الأسباب..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع (2012-2013)

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.