APROXY WAR.. بقلم ضياء الوكيل*

تحليل أولي لتصريحات ماكغورك، ونصّها في أسفل المقال تحت عنوان (ملحق)

سأنطلق في التحليل من تصريحات (منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك)، وإن تطرقت لمواضيع أخرى فذلك لتوضيح أبعاد الصورة قدر الامكان ودون استرسال، من وجهة نظري: تصريحات ماكغورك استباقية، وموجهة الى الداخل العراقي، وتنطوي على دعوة ضمنية الى التهدئة،وتبريد حمى التصعيد المحتمل، ونزع فتيل الأزمة وتفاعلاتها المتعلقة بالتواجد الأمريكي في العراق، وفي اعتقادي أن أمريكا تعيد تقييم إنتشار قواتها العسكرية على المسرح الاستراتيجي العالمي، وهي تنظر الى (المناطق وليس المواقع) في تحديد الأولويات،وقد خفّضت قواتها في ألمانيا واليابان ودول الخليج ومناطق أخرى في اسيا وحشدتها في أماكن أخرى ، والعراق ليس بعيدا عن هذا التوصيف، سواءا في الإنسحاب أو إعادة الإنتشار، ولكن ليس على الطريقة الأفغانية، إنّما باتفاقيات وتفاهمات مع حكومة جديدة تضمن فيها مصالحها الحيوية في هذا البلد، وملف العلاقة العسكرية والأمنية بين بغداد وواشنطن متشعب وفيه صفحات عديدة ومنها(برنامج مبيعات الأسلحة المعروف اختصارا (F M S ) وهو برنامج حكومي وفيه متعلقات مالية وتفاهمات رسمية، إضافة لعقود التسليح والتدريب والاستشارة، وإدامة المعدات، وقطع الغيار، وتبادل المعلومات والاستخبارات ومكافحة الارهاب، ومصير القواعد العسكرية وغيرها من التفاصيل التي تحتاج الى تنظيم وحوار واتفاق في أطر قانونية ملزمة)، أمّا تصريحات (بريت ماكغورك) التي تلامس نقاطا جوهرية في (ملف الإنسحاب واشارته الى عدم استخدام الأراضي العراقية للاعتداء على دول الجوار على حد وصفه، والمقصودة هنا إيران)، فأنها ورغم أهميتها السياسية إلا أنها ليست ذات قيمة استراتيجية وعسكرية..!! (لماذا؟؟) لأن أمريكا إن أرادت مهاجمة إيران(وذلك مستبعد في اللحظة الراهنة) فأنها لن تستخدم الأراضي العراقية والقواعد العسكرية في المنطقة، لأسباب (عسكرية ولوجستية وأمنية وسياسية)، والمرجح أنّها ستستخدم قواعد ومنصات هجومية من خارج المسرح الاستراتيجي الاقليمي، كما حدث في حربي(الخليج وأفغانستان)، ولديها بدائل عسكرية عديدة في مناطق محيطة بالمنطقة، وفي اعتقادي أن أمريكا لا تريد التورط في حرب جديدة، وكذلك ايران، وكلاهما يدرك مخاطر وتداعيات أية حرب بينهما قد تكون نهاياتها مفتوحة وربما تخرج عن السيطرة، ولكن ذلك لا يمنع واشنطن في حالة تدهور الأوضاع نحو حافة الصدام والمواجهة من اسناد المهمة الى حليفتها (اسرائيل)، وعند ذلك ستختلف الحسابات بالكامل، لأنها ستكون((حرب بالوكالة – APROXY WAR))،وهذه الحرب التي قد يكون العراق أحد ضحاياها وساحاتها البديلة وفقا لتسريبات (اسرائيلية) سابقة وضعت (العراق إلى جانب ايران) على منضدة الرمل وخارطة الإستهداف العسكري، وهذا المشهد المتوقع سيقلب الصورة الحالية رأسا على عقب، حيث سيجدر بالعراق أن يطالب أمريكا ودول الغرب ومجلس الأمن بضمانات أن لا يكون (هدفا للعدوان وساحة لتصفية الحسابات) بدلا من الاستماع الى تعهدات سياسية تتناقض ومسار الأحداث..!! والسؤال المرعب هنا.. ما حجم التكاليف الباهظة التي ستخلّفها مثل هذه النزاعات المدمّرة إن وقعت؟؟ وهل بامكان العراق النأي بنفسه عن ما يجري، وتحاشي الانحدار نحو الركام والحريق؟؟ ومن سيلعب دور المايسترو أو ضابط الايقاع في الزلزال القادم؟؟ وبيد من ستكون صفارة الحكم؟؟ كلّ ما ذكرناه في حكم التكهن والتحليل، ولا يمكن القطع بشكل جازم في أي سيناريو، ولكن جميعها واردة ومحتملة، (ومن لا يسمع طبول الحرب فهو أصمّ كما يقول كيسنجر)..

ملحق:

جدد منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي بريت ماكغورك (التزام واشنطن بمخرجات الإطار الاستراتيجي مع العراق، فيما تعهد بعدم استخدام بلاده سماء العراق وأرضه ومياهه منطلقاً للاعتداء على دول مجاورة له)، مجدداً التأكيد على (دعم بلاده “لتقوية القدرات العراقية في مواجهة الإرهاب”)..جاء ذلك عقب لقائه بمستشار الأمن القومي العراقي السيد قاسم الأعرجي في بغداد بتاريخ الأحد 12/12/2021 والذي أكد بدوره أن (التهدئة تصب في مصلحة البلد، وأن العراق يسعى لتجاوز المرحلة والانطلاق نحو ترسيخ أمنه واستقراره وتعزيز قدراته في المجالات كافة)..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع وعمليات بغداد(2012-2013)

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.