حرب بلا جبهة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

تزايد الهجمات الارهابية مؤخرا وتكرارها في أكثر من منطقة بوقت متقارب (كركوك ديالى الطارمية)،لا يمكن وصفها إلا بأنها (حرب بلا جبهة والعدو فيها مجهول)، بمعنى حرب خفية(Hidden War) أو حرب أشباح وعصابات يكتنفها الكثير من الغموض، خاصة أن غالبية الهجمات الارهابية تنتهي بفرار المهاجمين أو مقتل بعض عناصرهم، وهذه المناطق الداكنة في صورة المشهد الأمني المضطرب، تجعل من رواية الأحداث قصّة ناقصة أو غير مقنعة، وتفتقد الكثير من الأدلّة المادية والمعلومات لتحديد الجهة المهاجمة إن كانت داعش أو غيرها، وداعش غير قادرة من الناحية اللوجستية والتعبوية على نصب كمين محكم كالذي نفذ في محافظة كركوك (على سبيل المثال) وتسبب في استشهاد واصابة عدد من المقاتلين بينهم ضابط برتبة رائد وذلك ثمن باهض من التضحيات والدماء الغالية والخسائر المادية غير مقبول وليس له تبرير على الصعيد العسكري والأمني، وهذا الوصف ينطبق على هجوم (البو بالي) في ديالى، لماذا أقول ان داعش لا يستطيع القيام بمثل هذه العمليات والكمائن..؟؟ لأن الكمين يحتاج الى (رصد وتخطيط واعداد واشراف وتمويل وتوزيع أدوار وعجلات واسلحة وأعتدة وعناصر مدربة وتحصين وحماية وانقضاض ومباغته وحركة وانسحاب سريع الى ملاذات محددة مسبقا)، وأشكّ أن داعش يمتلك مثل هذه الامكانية، وخلاف ذلك يعيدنا الى مربعات أمنية سابقة تضعنا في مواجهة خلل أمني خطير، واختراق استراتيجي غير واقعي في ظل معادلات ومناسيب قوى محسومة ميدانيا، وهذا يثير سؤالا مفتاحيا مفاده: إن لم يكن داعش من يقوم بهذه العمليات الارهابية، فمن هو ..؟؟  والإجابة هي أنني لا أنفي قيام داعش بهذه الهجمات الارهابية ولكنّي لا أؤكده في ذات الوقت، ولي في ذلك وجهة نظر لا بد من الإشارة اليها وهي أنّ داعش ليس إلا (جسدا ميّتا ومتعفنا ومتحللا لا استطيع النفخ فيه واظهاره على غير حقيقته وحجمه)، وهذا تقييمي لقدرات ووضع داعش على المستوى الميداني، وأضيف الى ذلك قراءتي للموقف والاستعداد القتالي والجاهزية لقواتنا، والنظر الى الخريطة بأبعادها الثلاثة، مع احتمالية وجود بعد رابع في المعادلة المختلّة، وما في الجغرافية من تضاريس تتقاطع عندها خطوط التماس الحرجة في الطول والعرض، وفي الزوايا الميّته التي ينحني فيها الفراغ وتنعدم في أجوائها الجاذبية، وهذا الموضوع تحسمه المعلومات والتحقيقات والأدلة وليس التصريحات، وأحد أهم مصادر المعلومات هم الارهابيون انفسهم، ولذلك فأن اعتقال الارهابي من وجهة نظر عسكرية وامنية أهم مئة مرة من قتله، لأنه مصدر مهم للمعلومات التي تستند اليها أبنية الحقائق وهذا معروف وليس اختراع، وفي ذات السياق لا يمكن تجاهل البيئة الاقليمية المحيطة بالعراق وبعض قواها تخوض صراعا مريرا (خفيا ومعلنا) على الاراضي العراقية، تبحث فيه عن تأمين مصالحها وعن جوائز استراتيجية تتعارض مع مصالح العراق الذي تحوّل إلى ساحة لتصفية الحسابات تفترض أن يكون المسرح الاستراتيجي فيه (مضطربا ومتوترا وغير مستقر) والى أن تضع الحروب أوزارها وينعقد يالطا جديد، فأن الوضع الأمني الهش سيضيف أعباءً مرهقة على القوات الأمنية، وإذا اتخذنا من الأحداث المتشابكة في المنطقة مقياسا للخريطة السياسية والأمنية والتطورات المحتملة عليها.. فإنّي أتوقع استمرار هذه الهجمات والنشاطات الارهابية في المدى المنظور، وذلك يستلزم المزيد من اليقظة وتجنب الغفلة فإنها الزاوية الميّتة التي يتسلل من خلالها الإرهاب..

ندعو بالرحمة للشهداء الأبرار، وللمصابين بالشفاء العاجل.. وحفظ الله العراق وشعبه ورجال قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية بكل صنوفها..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع والعمليات

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.