النزاعات العشائرية المسلحة توسعت وتمددت بشكل خطير خلال السنوات الأخيرة، وتصاعد مستوى العنف فيها مع استخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة والمسيّرات في الإشتباكات، وتطور الأمر الى استعراضات عسكرية وإعلام وبيانات وعصبية قبلية غير مسبوقة، وتحوّل الى عسكرة وتسليح المجتمع المدني،كلّ ذلك ترافق مع مواقف بدت أكثر جرأة وتحدي لسلطة الدولة والقانون، هذه الظواهر معدية وتنتقل عدواها بسرعة تحت عنوان التنافس والوجاهة والنفوذ والقوّة، وقد تفتح الباب نحو سباق للتسلح العشائري مع ما يرافقه من تعقيد لهذا الملف الخطير الذي يُنْذِر بما هو أسوأ على أمن واستقرار العراق، الموضوع ليس أمني فقط إنما هو سياسي ببعد أمني، لماذا أقول سياسي؟ لأن حله لا يقتصر على الإجراءات الأمنية إنما يحتاج الى توافق وقرار سياسي لحل ملف السلاح خارج اطار الدولة، نحن نتحدث عن استخدام أسلحة متوسطة وثقيلة وعتاد حربي وطائرات مسيرة في بعض الاشتباكات، وبما يرعب المدنيين والأطفال والنساء والمسنين ويلحق بهم أفدح الأضرار النفسية والمعنوية والمادية، ولا يوجد تسمية وتوصيف لهذه الاشتباكات العنيفة إلا أنها قاطرة نحو حروب أهلية قد تمتد وتتوسع في أية لحظة، وكل العوامل المساعدة لهذا الإحتمال متوفرة من السلاح والعتاد والشحن القبلي والاستعداد لاطلاق النار واستخدام القوّة لحل النزاعات والخلافات الفردية والعشائرية، ولا يمكن لأية جهة أن تضمن السيطرة عليها، أو عدم توسّعها فهذه نزاعات ذات نهايات مفتوحة وغير محكومة بضوابط وقد تصبح خارج السيطرة في أي وقت، وهذه الاحتمالات تشكل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار والسلم الأهلي في العراق، وفي اعتقادي أن التأثير والتداخل السياسي في ملفي السلاح والعشائر واضح ويحتاج الى وضع خارطة طريق للخروج من هذا المأزق بحلول وطنية وسياسية وقانونية واجتماعية مقبولة ومتوافق بشأنها، ويمكن الإستفادة من المنظمات الدولية في هذا المجال، وكذلك الدول التي مرّت في أزمات مشابهة لما يحدث في العراق، أمّا التجاهل فله أضرار فادحة، وكلف باهضة تتضاعف مع مرور الوقت، فضلا عن التداعيات الخطيرة التي تتهدد حاضر وأمن واستقرار العراق..
*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة والدفاع والعمليات