العدلُ أساسُ المُلك.. بقلم ضياء الوكيل*

تقول القاعدة القانونية( المتّهم بريء حتّى تثبت إدانته)، ونشر إسم المتهم الصريح وصورته قبل صدور حكم قضائي نهائي وقاطع بحقّه يعدّ إدانة مسبقة من قبل الناشر، وذلك قد يؤثر على سير التحقيق والعدالة، والسؤال هنا: ماذا لو قررت المحكمة تبرئة المتهم مما نسب اليه..؟؟ ومن يعوضّه وعائلته عن الأضرار النفسية والمادية والإنسانية الناجمة عن التشهير به وبسمعته..؟؟ ثم على الناشر أن يكون جاهزا للإجابة عن سؤال مهم وهو: ماهي المقاصد الأساسية لنشر صورة المتهم ومعلومات عن سيرته الشخصية وعائلته وعشيرته والقضية ما زالت قيد النظر لدى المحققين ولم تحال الى القضاء بعد..؟؟ أكتب هذه المقدمة وأنا أتابع نشر( صورة عسكرية لضابط )بعد ساعات من اعتقاله بتهمة لم يبدأ التحقيق الابتدائي بها، ولم يقل القضاء كلمته الفصل فيها، لا أعرف المتهم ولا أية تفاصيل عن التهم الموجهة اليه، ولكني أعرف القانون الذي درسته قبل أكثر من ربع قرن في جامعة بغداد، وأدرك مقدار الإنتهاك والتشهير الذي رافق هذا النشر وأصاب بضرره عائلة المتهم والمؤسسة التي ينتمي لها، فنشر(الصورة العسكرية) لمتهم لم يمضي على اعتقاله سوى ساعات، وما زال (قيد التحقيق الأولي) يثير الشكوك والريبة حول المصلحة والغاية من هذا النشر، وهناك الكثير من القضايا المشابهة التي تستوجب المراجعة والتدقيق والتأكد قبل نشرها، وما ذكرناه على سبيل المثال لا الحصر، وكلمتي الأخيرة: بما أن هذا الموضوع مدار خلافٍ وجدل منذ زمن بعيد، وله أبعاد قانونية وانسانية وأخلاقية ومجتمعية، فالمطلوب من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي الإحتكام الى(مدونة سلوك مهني) يتم الاتفاق عليها، وتحدد فيها شروط النشر في القضايا التي ما زالت قيد التحقيق ولم يصدر فيها حكما قضائيا قاطعا.. وهناك أمور أخرى ذات علاقة بالموضوع وتستحق النقاش مثل (ارتباط الجريمة بالمخاطر العامة، وشرط النسبة والتناسب في الاهتمام والنشر، وأساليب الردع والحماية).. والهدف دائما هو السعي لتحقيق العدل والعدالة في المجتمع، وإن كانت العدالة جوهر الأخلاق والإنصاف والحقّ، فالعدل أساسُ المُلك..

حكمة: يقول جمال الدين الأفغاني(أقرب موارد العدل هي في القياس على النفس)

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع والعمليات

شاهد أيضاً

جراحة سياسية فاشلة.. بقلم ضياء الوكيل*

الشعوب العربية والإسلامية تنظر إلى ما يسمى (اسرائيل) على أنها (شرٌّ مطلق، وعدوٌ مزمن، وتهديد وجودي للمنطقة، وخميرة للحرب والعدوان)، ومن لا يتصدى لها اليوم سيجدها عند أبواب بيته في الغد القريب.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.