لا أحبُّ السياحة في دفاتر الجراح والمآسي، ولكن بعض القصص تستحقّ أن تروى، لما فيها من دروس وعبر، وخلال زياراتي الى خارج العراق التقيت العديد من العائلات والأصدقاء الذين اختاروا الغربة وطنا ومستقرا لهم، وفي أحاديثهم شجن وذكريات وحنين للوطن والأهل حدّ البكاء، يحبون العراق بصدق، ولا يكتمون خوفهم منه، وحزنهم عليه، وما بين الحزن والخوف قلق مرير، من حاضر متصدّع، ومستقبل مجهول، ومن يخاف على حياتهِ ومستقبل أولادهِ فهذا من حقّه، وذلك أحد أسباب هجرتهم الطوعية كما يقولون، والغريب أن غالبيتهم أو كثيرا منهم يوصون بدفنهم في تربة العراق، يخافون من الموت في ديار الغربة، يريدون لأجسادهم أن ترتاح في ثرى العراق، لعلها تزهر طَلْعَاً أو عطرا طيّبا يصافح الأجواء التي أفسدتها روائح الدمِّ والفساد والبارود، ينتابني شعور بالحزن والأسى.. وأنا أرى الوطن يتحول في نظر أبنائهِ من حضنٍ دافيء، وأرض تمنح السكينة والأمل والحياة، إلى قبر كبير يفتح ذراعيه للقادمين على محمل الموت، بسؤالٍ قديمٍ ليسَ لهُ جواب، وقد ضاعت في دربه الأحباب، سؤال يشبه الدمع الملوّحَ بالرحيل، والأمل القتيل، وبكاء الشوارع والأزقّة والنخيل، على الأحبّة في الديار البعيدة، ومن في الداخل ليس بأحسن حالٍ منهم، فكلاهما جريح، ويدعو الله أن يستريح، من عناء الحزن والأيّام، فجميع الألوان قد تساوت في الظلم والمرارة والظلام، لكِ العتبى والسلام، يا أرضنا الطيّبه.. يا خَرِبَه..
شاهد أيضاً
لا تيأسوا.. بقلم ضياء الوكيل
يا أيّها الناس.. لا تقولوا الوداع، فكلّنا في غدٍ راحلون، (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ)*، وليكن قبري وطنْ.. وقصّةَ موتي ولادة..