المستشار ضياء الوكيل
تابعت مع غيري الجدل الذي أثير حول (خطبة يوم عرفه) التي ألقاها (ماهر المعيقلي) في مشعر عرفه قبل أيام، وسبب الجدل والإعتراض أنّها خلت من ذكر( غزّة ومأساتها)، وقد تابعت (الخطبة) على اليوتيوب، ووجدت أنها استغرقت (21) دقيقة، وخلت تماما من أي ذكر( لغزة )، واكتفى الخطيب (بدعوة المسلمين للدعاء لفلسطين وقد مسّها الضرّ) حسب قوله وهذه لم تستغرق بضع ثواني من وقت الخطبة، وها أنا أنضم لجمهور المنتقدين والمعترضين لهذه الخطبة وأتساءل بدوري: ألا يستحقّ المسلمون الجياع والمحاصرون والمستباحة دماؤهم وأموالهم وبيوتهم ظلما وعدوانا في غزة أن يذكروا بالدعاء من على منبر المسلمين في عرفه، ألا يستحق أكثر من (40) ألف شهيد ومئة ألف جريح جلّهم من الأطفال والنساء والمسنين أن يذكروا بدعاء في يوم مشهود، أليست غزّة شأنا إسلاميا وإنسانيا وتحظى باهتمام إسلاميّ وعالمي واسع، ألم يجعل الرسول الكريم(ص) من يوم عرفه وخطبتها ميثاقا معظّماً لحفظ دماء المسلمين وحقوقهم الإنسانية، ما الذي يمنع من الدعاء لأهل غزّة..؟؟ هل خطبة عرفه شأنا سعوديا أم إسلاميا جامعا لسائر المسلمين..؟؟ إن كنتم تختلفون مع حماس فذلك امر سياسي، ولكن هل يجوز أن ينتقل الخلاف السياسي الى منبر عرفه وخطبة الركن الأعظم في الحج، أليس ذلك يخالف شعاركم الذي ترفعونه (أن لا سياسة في الحج)، إن لم تدعو لغزّة وشعبها المظلوم في الحج فقد دعا لها سائر الحجيج في ضمائرهم وقلوبهم وعقولهم، أهل غزّة الصابرون المحتسبون الى الله في محنتهم العظيمة لا يحتاجون لدعائكم بل أنتم تحتاجون لهم، لأنهم مظلومون، وليس بينهم وبين الله من حجاب، وأبواب السماء مفتوحة لهم، ولكنها حكمة الله أن يكشف المنافقين ويخزي الظالمين والمعتدين {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، وأرفق مقطع فديو نادر وقصير يعرض حديثا مؤثرا لزوجة الشهيد (حازم اسماعيل هنية) وهي تواري الثرى (زوجها الشهيد وابنتيها) وقد استشهدوا مع إخوانهم (أمير ومحمد) وأولادهم (آمال وخالد ورزان) في عيد الفطر الماضي داخل غزّة وبين أبنائها، وهي تقول( لا أحد يناشد العرب فهم في حاجتنا ولسنا بحاجتهم، هم الأموات ونحن الأحياء)، ولحديثها صلة وثيقة وبليغة بهذا الموضوع..
*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع وقيادة العمليات
