ترامب من أغنى أغنياء أمريكا، حاول الجمع بين متعة المال والثراء، وسطوة الحكم والسلطة، ونجح في جولة سابقة، وكان رئيسا مثيرا للجدل، لأنه جاء من خارج القاموس السياسي لأسلافه، يتقن العزف المنفرد على مشاعر المحبطين من تراجع أمريكا، يتبادل اللكمات مع خصومه، ولا مانع لديه من التناطح مع الكونغرس والدستور والمؤسسات، نقل تقاليد التجارة الى السياسة، فكل شيء عنده بثمن، انتشار القوات، والمواقف، السياسة، ويعد النزاعات والحروب فرصة (للبزنس) كما يقول، وطالب بتحويل أموال المساعدات لأوكرانيا الى قروض واصفا (زيلنسكي) بأنه (تاجر سياسي، ومن أعظم رجال المبيعات في التاريخ)، في مقاربة ساخرة ومضحكة، وموقف ترامب تجاه المنطقة العربية عموما والعراق بشكل خاص معروف ويمكن مراجعة آرشيف تصريحاته التي لا تبتعد كثيرا عن الرأسمالية المتوحشة والبراغماتية والبيع والشراء، وترى بعض الجهات النافذة في الدولة العميقة أن ترامب يشكل خطرا على مصالحها، وعلى تركيبة ومستقبل النظام السياسي في أمريكا، فكشّرت عن أنيابها، وأنشبت مخالبها في المشهد المحتدم، دفاعا عن ملامحها وحقيقتها الصلبة، والمتوارية خلف مجموعة من البالونات الملونة التي قد تخطف الأبصار عند النظر اليها، لكنها مليئة بالغازات السامة والفتّاكة التي قد تنفجر عند لمسها أو التقرب من حدودها، ما حدث في بنسلفانيا كان وليمة مسمومة، ورسالة دموية أفلت منها ترامب، وليس غريبا أن بعضا من مراكز القوى في الحزب الجمهوري تريد تحرير الحزب من قبضة هذا الملاكم العنيد، هذه محاولة أولى، والقادم أخطر..
*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع وقيادة العمليات