قرار منع الخمور، والإنسان المهدور.. بقلم ضياء الوكيل*

لست علمانيا، ولا أنتمي للإسلام السياسي، وأزعم أنّي مسلمٌ أخشى الله سبحانه، وأدعو إلى سبيلهِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، وأؤمن بحلاله وحرامه،ومنها تحريم الخمر، ولكنّي أنظر بعين الريبة والشكوك لقرار(منعه) للأسباب الآتية: (أنّ هذا القرار يحاول فرض (الوصاية والزي الموحد) على (مجتمعٍ متعدد الأطياف والأديان والأعراق والثقافات)، ويصادر الحريات الشخصية ويفرض نمطا من السيطرة على الحياة العامة، هذا القرار يوجه رسائل خاطئة لبعض الجماعات المتطرفة التي قد تلجأ الى العنف في تطبيق ما تراه وتعتقده وتفسره في موضوع(الحلال والحرام) والشواهد كثيرة، منع الخمور بداية لقائمة طويلة من الممنوعات قد تصل الى الملقط والخيط لدى الحلاق، والموسيقى في الأعراس، والحجاب لدى النساء، ولا تنتهي بالفوضى وتغوّل التطرف الديني، لا يمكن الفصل بين قرار منع الخمور وتجارة المخدرات، فمنع الأول ينعش الثاني، مثل هذه القرارات تستحضر المقارنة بين الفساد المستشري، وموضوع منع الخمور، وتطرح تساؤلات مشروعة ومهمة، وعلامات استفهام كثيرة)، والخلاصة: أنّ بعض القوى تريد الانتقال بالمجتمع العراقي من(مجتمع مدني له الحرية في التفكير والتعبير والاختيار واتخاذ القرار) الى (مجتمع ديني، أبوي، اقطاعي، طائفي، انتقائي) يصادر سلطة العقل والفكر، ويدعو الأنسان الى التسليم والرضوخ الى من يفكر ويقرر ويختار بدلا عنه وكأنّه قاصر وغير قادر على التمييز بين الحلال والحرام،وفي ذلك تجاهل لعقل الإنسان، وقدرته في السيطرة على ذاته، وواقعه، وخياراته، وصناعة مصيره بنفسه، ومشاغلته بدوامة لا تنتهي من الأزمات والضغط اليومي الذي يتعطل معه (الفكر التحليلي النقدي التساؤلي) على حساب درجة الإحساس بالمخاطر  والتحديات التي تعصف بوجوده وكيانه، قد تكون نقطة الإرتكاز في الحديث هي (قرار منع الخمور) ولكن الأبعاد متعددة وعميقة الدلالة ومن اختارها يعرف ماذا يريد.. ومن بينها تحويل المجتمع الى كيان سلبي عاجز عن الفعل، وغير قادر على بلوغ مرتبة الخيارات الحرّة في التدبير والتغيير، إنّه محاولة لهدر الفكر والتفكير والإنسان، وفرض الوصاية عليه، أو بتعبير أدق الإنسان المهدور..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع وقيادة العمليات

شاهد أيضاً

يا أطفال العالم اتحدوا..بقلم ضياء الوكيل*

الأمّهاتُ في غزّة يشبهن مناديل الوداع، وعيونهنّ مثل أجراسٍ تبكي، لبسن الحداد من بؤبؤ العين حتى قامة الحزن والعذاب، يتمرغن بالدعاء والصلوات إلى الله كي ينجي الصغار، ويقرعن باب الأمل المغلق فوق صدورهنّ مثل قبرٍ قديم، يمسحن عن جوع الأطفال ترنيمة الغفوة، فالحلم لا يحضر هناك، لا قمحا ولا حنطة.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.