الحديث عن الفساد دون ذكر الفاسدين ليس الا هرطقة فارغة، واستعراض اعلامي عقيم ومضلل، لا يتعدى تأثيره حدود الكلمات، واستديو التسجيل، وهذه الحوارات لا تساعد العقل الوطني على استبصار الحقائق، واستنباط الحلول، وفيها تحايل على الناس..!! لأنها تقف على شاطيء الأزمة، وتتهيب الخوض في الأعماق، فالإنتقاد يستطيع جلب الإنتباه، ولكنه غير مجدي من الناحية العملية إن لم يقترن بتشخيص دقيق، وأدلّة معتبرة، وهذا يحتاج الى جرأة وشجاعة تلامس جوهر الأزمة، وقلبها المحتقن المفتوح، وهذا متعذر في الغالب، وهنا تكمن العقدة،وأسرار اللعبة (السياسية والإعلامية)، والتي يستدرج اليها بعض السائرون نياما، حتّى لتحسبهم صحاةً وهم رقود، والهدف هو (تنفيس الغضب والنقمة الشعبية المتصاعدة على تغوّل الفساد وانفلات الفاسدين)، وهو جزء من اعادة انتاج المشهد، وادارة وهندسة الرأي العام،تشارك فيه (مطابخ السياسة وجوقة الإعلام المسيّس)، وذلك يعبّر عن العجز والإفلاس السياسي، وغياب الإرادة، وفي علم النفس.. إن أردت تبريد الإناء الذي يغلي، قم برفع الغطاء عنه، وذلك ما يحدث..
كلمة أخيرة: إنّ العقل الذي يدنّس في أوحال الكذب والتدليس والفساد، لا يخدم الحقيقة، ولا يدافع عن الحق، وما هو إلا متاعٌ ينادي عليه صاحبه بالمزاد، ويبيعه لمن يدفع بالرخيص، وذلك هو الخسران المبين..
*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع وقيادة العمليات