مسلحون بملابس عسكرية يقتحمون اتحاد أدباء العراق ويعتدون على أعضائه…!!!؟؟؟
استنكر مثقفون وأدباء عراقيون، أمس، الاعتداء السافر على مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في العاصمة بغداد، الليلة قبل الماضية من قبل مجموعة مسلحة، وعدوه بأنه «استهانة» بالأمن الوطني «وتهديد» لحياة العاملين في الاتحادات ومنظمات المجتمع المدني، وطالبوا بمحاسبة المتجاوزين «وردع» الجهات الغير رسمية من حمل السلاح واستخدامه والتأكيد على حصر استعمال السلاح بيد الدولة للحفاظ على هيبتها وسيادة القانون.
وشهد «شارع المتنبي»، أمس، مظاهرة تضامنية مع اتحاد الأدباء العراقيين الذي ما زال اسمه مرتبطا باسم مؤسسه «شاعر العرب الأكبر» محمد مهدي الجواهري.
حكاية الاعتداء كما وردت على لسان رئيس الاتحاد الناقد فاضل ثامر «بدأت في الساعة السابعة من مساء الأربعاء الماضي عندما هاجمت مجموعة مسلحة يقدر عددها بخمسين شخصا يرتدون ملابس عسكرية سوداء وتقلهم سيارات مدنية، وقاموا بغلق شارع ساحة الأندلس واقتحام البوابة الرئيسية للاتحاد لأن البوابة الثانية مقفلة لغلق النادي الاجتماعي منذ يومين احتراما لشعائر شهر رمضان الكريم». وأضاف: «تلك المجاميع قامت باحتجاز القوات الأمنية الرسمية المخصصة لحماية الاتحاد من قبل وزارة الداخلية وتجريدهم من سلاحهم مع ضابطهم المسؤول واقتحام غرف وقاعات الاتحاد والعبث بها وتكسير الكثير من أثاثه». وأصدر الاتحاد بيانا شديد اللهجة وصف فيه الحادث بـ«مخالفة لكل تقاليد المجتمع الديمقراطي»، داعيا «الجهات المعنية إلى إدانة هذا الاعتداء قبل أن يطال الجميع»، مطالبا بـ«محاسبة المتجاوزين وردع أي جهة غير رسمية من حمل السلاح واستخدامه ضد المؤسسات الثقافية والمدنية كونه يضعف هيبة الدولة ومكانتها في نظر الأدباء والمثقفين والمواطنين».
وعن تبعات قضية الاعتداء، قال فاضل ثامر: «قمنا على الفور بإعلام الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد الذي وعدنا بملاحقة الجناة، وكذلك أوصلنا صوتنا إلى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي استنكر الحادث وكذلك وزير الثقافة فرياد رواندزي الذي وعدنا بإصدار بيان لرفض تلك الممارسات ومتابعتها والمطالبة بتشديد ضبط الأمن وديمومة الحياة المدنية في البلاد».
وسبق أن تعرض الاتحاد العام للأدباء إلى اعتداءات متكررة من قبل جماعات مسلحة، وعن أسباب ذلك يقول ثامر: «هناك عوامل كبيرة تقف في مقدمتها أن اتحاد الأدباء وخلال سنوات عمله أصبح منظمة اجتماعية مرموقة ولها مواقف مهمة كونها رفضت الانضواء تحت أي لافتة سياسية، واعتنت بالشأن الاجتماعي والسياسي ضد موجة العنف والتطرف والانفلات ويبدو أن هذا المشروع لا يتفق مع بعض أجندات وتوجهات تلك الجهات!».
ووصف الكاتب والباحث العراقي الدكتور فالح عبد الجبار الحادث بـ«العدوان وإعلان الحرب على الثقافة». وقال «يذكرني الحدث بغوبلز النازي القائل: كلما سمعت كلمة ثقافة مددت يدي إلى المسدس! الحدث يذكرني أيضا بمنطق الميليشيا: الانفلات».
وأصدر عبد الجبار في بيان موجه إلى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، جاء فيه «تعرض مقر اتحاد الأدباء ببغداد إلى غارة بقوة مسلحة، قوامها 50 رجلا، بملابس عسكرية سوداء، وهو هجوم حربي بالمعنى الحرفي، واكتساح على طريقة العصابات: تحطيم الأثاث، مصادرة أجهزة التليفون، وتفريغ جيوب الحاضرين، وضرب الحاضرين». وأضاف «هذا اعتداء على الثقافة، مادة ورمزًا، وفلتان ميليشيات ينذر بالشؤم، واستثمار أهوج للرمزية المقدسة – شهر رمضان – لارتكاب أفعال مدنسة».
وجاء في البيان الذي وقعه المئات من الأدباء والمثقفين العراقيين عبر الإنترنيت «نحن الموقعين أدناه ندعوكم إلى التحقيق الفوري، وضبط الفاعلين، وإحالتهم ومصادرة أسلحتهم، وإحالتهم إلى القضاء. السكوت عن هذا العدوان سيقضي على كل بشارة توسمها المثقفون ببداية جديدة تقوم على التزام القانون، ما يفقد حكومتكم أي احترام، من أصغر إلى أكبر مثقف».
نقيب النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين في بغداد عدنان حسين، استنكر حادث الاعتداء على مقر الاتحاد، ووصفه بالعدوان الهمجي غير المبرر من إحدى العصابات الكثيرة التي خلفتها لنا الحكومة السابقة الفاشلة: «وطالب الوسط الإعلامي والثقافي في بغداد برفع أصواتهم عاليا والتظاهر والاحتجاج في ساحة التحرير لهذا التجاوز السافر على الدولة والخروج على أحكام دستورها الذي نص على حصر حمل السلاح بالدولة وحرّم العمل خارج القوانين».
ولفت يقول: «إن صمتنا معناه تمادي تلك العصابات المسلحة في التجاوز على القوانين والنواميس، وسيكون كل واحد منا الهدف التالي».
بدورها وصفت الشاعرة غرام الربيعي الحادث بأنه «إهانة لكل المثقفين»، وقالت: «الاستنكار وحده لا يكفي لا بد من فعل شيء لإنقاذ الثقافة العراقية من التهديد وسيطرة الجماعات المسلحة، ولا بد من وحدة صف المثقفين لأجل إيصال كلمتهم القوية، وإلا فإن رياح القوة والسلطان ستغلب على الكلمة والأدب والفنون».
فيما قالت الشاعرة أطياف رشيد: «هذا يعني استهدافا للثقافة والجمال وتهديدا واضحا للمثقفين والأدباء.. إنهم يريدون قتل بغداد، ولا بد أن نتصدى لمشاريعهم». وطالبت الأديبة راوية الشاعر الحكومة «بتشكيل فرق للتحقيق وبشكل سريع والاتفاق على إدانة أدباء العراق للحادث المشين الذي يمس صرحا من صروح الثقافة في العراق». وشددت على «أهمية الحفاظ على ما تبقى من رائحة الإبداع والثقافة في البلاد». أما النائب عن كتلة الوركاء الديمقراطية جوزيف صليوا، فطالب وزارة الداخلية بالتحرك فورًا، لكشف ملابسات حادث اعتداء مجموعة مسلحة على مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.