إيران لا تزال تطالب بالمزيد
أفادت وكالة «أسوشييتد برس» الإخبارية في تقرير لها بأنه «قبل يوم من الموعد النهائي الجديد للاتفاق النووي، دفعت إيران يوم الاثنين الماضي بطلب لوقف حظر الأمم المتحدة المفروض على الأسلحة؛ وهو اتفاق موازٍ تعارضه الولايات المتحدة في مسعاها للحد من قوة طهران ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط.. وفي حين تركزت المناقشات على مخزون اليورانيوم، وتوقيت رفع العقوبات الاقتصادية، فإن الرغبة الإيرانية طويلة الأمد في رفع الحظر عن الأسلحة حال توقيع الاتفاق النووي، ليست إلا عائقًا جديدًا على الطريق».
لم يكن كافيًا أننا وافقنا فعليًا على كل مطالب إيران إزاء الأسلحة النووية.. فها هي الآن تريد التخفيف من الحظر المفروض على جوانب أخرى كذلك. وليس من العسير إدراك الهدف من وراء ذلك. لقد تعرض الموقف الأميركي في المفاوضات للإضعاف حتى مستوى الوصول إلى اتفاق لطيف أو لا شيء، وصارت إيران في موقف أفضل بكثير مما كانت عليه مع بداية المفاوضات. كما تخلى الرئيس أوباما عن كل مظاهر الخيارات العسكرية، في حين يعترف – جوهريًا – بحق إيران في تخصيب اليورانيوم.
وفرنسا، صاحبة الريادة التاريخية في مجال عدم الانتشار النووي والناقد اللاذع لحزمة الامتيازات الأميركية، صارت تتقاعس مع قرب انتهاء المفاوضات، تمامًا كما صنعت في الفترة السابقة على خطة العمل المشترك. وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن «المسؤولين في وفد المفاوضات الإيراني طرحوا بالفعل فكرة التأجيل الجديد للموعد النهائي لما بعد 7 يوليو (تموز) الحالي، الذي هو ذاته يعد امتدادًا للميعاد النهائي المحدد سابقًا بتاريخ 30 يونيو (حزيران) الماضي.. وتلقي المصادر الإيرانية باللائمة على فرنسا، والممثلة في المحادثات بوزير خارجيتها لوران فابيوس، من حيث تصلب الموقف الغربي إلى نقطة هي أبعد من الحد الأقصى للامتيازات التي تصبو إليها إيران». والآن، من اللطيف التفكير في أن فرنسا سوف تحفظ الغرب من التوقيع على صفقة فاسدة، ولكن فكرة أن فرنسا سوف تعمل بمفردها على عرقلة الاتفاق النهائي، تبدو خيالية.
نشعر أن صفقة من نوع ما، حتى تلك التي يجري العمل على تفاصيلها في وقت لاحق، تعد أمرًا لا مفر منه من الناحية الافتراضية. وقد حاول دينيس روس، كبير مستشاري أوباما السابق، تحذير الإدارة الأميركية بالقول: في النهاية، إذا لم يكن لدينا اتفاق مثالي – وما من اتفاقية للحد من التسلح توصف مطلقًا بالمثالية – فيتعين علينا أن نكون قادرين على ردع إيران من الغش خلال مدة الصفقة.. وربما بمزيد من الأهمية، بسبب أن إيران سوف تكون دولة على العتبة النووية في نهاية الصفقة، فيلزم الإيرانيين معرفة أنهم إذا تحركوا في اتجاه القدرة على صناعة الأسلحة، فسوف يستدعي ذلك استخدام القوة ضد برنامجهم النووي. وكلما صرنا واضحين حيال العواقب المتوقعة خلال مدة الاتفاقية، كنا صادقين في تنفيذ ذلك التهديد إذا ما لزم الأمر.
في هذه المرحلة، يعد محتوى الاتفاق أكبر في أهميته من التوقيت. ولقد كان الرئيس أوباما محقًا الثلاثاء الماضي؛ إذ قال إنه لن تكون هناك صفقة ما لم يوجد نظام صارم وفعال للتحقق من الامتثال. أما مجرد وضوح الموقف حيال عواقب الغش، فسوف يكون بقدر أقل من الأهمية.
غير أننا بعثنا بإشارات في مرات كثيرة بأننا لن نتجاهل أي حالة من حالات عدم الامتثال. وليس لدى إيران من سبب للتفكير في أن الانتهاكات خلال الاتفاقية سوف تُقابل بردود فعل مغايرة.
ولا تزال إيران تتمتع بقدر من التحدي نظرًا لأن تلك الاستجابة وردود الفعل أثبتت فاعليتها، كما أنها تجعل من إبرام الصفقة أمرًا عسيرًا، وإن كان ذلك من جانب واحد ويشير إلى امتلاك إيران القدرة على إنتاج الأسلحة النووية في غضون عشر سنوات أو نحوها.
* خدمة «واشنطن بوست»