ما هي المخاطر المحتملة في رفع العقوبات والضغوط عن نشاطات إيران المرتبطة بالأسلحة؟؟
في وقت سابق من هذا الشهر، صرّح الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، أمام “لجنة القوات المسلحة” في مجلس الشيوخ الأمريكي قائلاً: “لا يجدر بنا تحت أي ظرف من الظروف تخفيف الضغط على إيران فيما يتعلق بالقدرات الصاروخية الباليستية وتهريب الأسلحة”. لكن بموجب الاتفاق النووي الإيراني الذي أُعلن في 14 تموز/يوليو وأقره مجلس الأمن الدولي في 20 تموز/يوليو، تُرفع العقوبات المتعلقة بالأسلحة التقليدية بعد خمس سنوات والعقوبات المتعلقة بالصواريخ بعد ثماني سنوات (وربما قبل ذلك في ظل ظروف معينة). كما ويبدو أن إيران لا تقطع أي وعود بالحد من أنشطتها في أي من المجالين.
في هذا الإطار، قالت إدارة أوباما أن المفاوضات كانت تهدف فقط إلى الحد من أنشطة إيران النووية وأن العقوبات التي تستهدف برنامجها الصاروخي والاتجار بالأسلحة كانت في الأساس عبارة عن عقوبات لعدم امتثالها في القضايا النووية. كما اعتبرت أن بنود قرارات الأمم المتحدة تلزم المجتمع الدولي برفع العقوبات المفروضة على الأسلحة والصواريخ عند التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي. من جهته، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن تمديد العقوبات على الأسلحة والصواريخ لمدة خمس أو ثماني سنوات “هي بمثابة ميزة إضافية”، كما ولو أنه ينبغي أن تُعتبر فوزاً للمفاوضين الأمريكيين. إلا أن هذه الحجج لا تصمد [أمام الوقائع].
في ديباجته، ينص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1737 على هدفين: “إقنـاع إيـران بالامتثـال … لمتطلبـات «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»” و”كبح مـساعي إيـران لتطوير التكنولوجيات البالغة الدقة دعماً لبرامجها النووية والـصاروخية”. وفي تقارير حول عدم امتثال إيران لالتزاماتها بـ “معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية”، أدرجت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» مخاوف تتعلق بالصواريخ مثل “دراسات إيران… المتعلقة بتصميم صاروخ [ذو قابلية] إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي الأرضي”.
وقد حاولت إيران لأكثر من عقد من الزمن رفع القيود المفروضة على الأسلحة التقليدية والصواريخ. ففي اقتراح تقدمت به في 17كانون الثاني/يناير 2005 طالبت إيران من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إسقاط القيود عنها. وفي اقتراح مضاد في وقت لاحق من ذلك العام تم حذف هذا البند. ولطالما اعتبرت الولايات المتحدة وحلفاؤها أن برنامج إيران النووي والصواريخ الباليستية وأنشطة الانتشار النووي جزءً لا يتجزأ من تهديد واحد. ولم يكن الخوف فقط من قيام إيران بتطوير المواد الانشطارية لصناعة قنبلة نووية، بل أيضاً لأن إيران ستطوّر الوسائل لتسليم تلك القنبلة وتبادل التقنيات البالغة الدقة.
إن الفكرة القائلة بأن قرارات مجلس الأمن الدولي تتطلب حلفاء غربيين لإسقاط العقوبات المفروضة على الأسلحة والصواريخ هي نظرية غير مقنعة. فإيران لم تمتثل لهذه القرارات: وهي لم تحقق يوماً مطلب مجلس الأمن الأساسي بتعليق تخصيب اليورانيوم. كما أن اتفاق 14 تموز/يوليو لا يتطلب من إيران الالتزام بالمعايير التي فرضها مجلس الأمن لإنهاء العقوبات وهي: أن إيـران قد “امتثلـت امتثـالاً تامـاً لالتزاماتها بموجـب قـرارات مجلـس الأمـن ذات الـصلة ولبّـت متطلبـات مجلـس محـافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»”.
قد تعتقد إدارة أوباما أن تحولاً في المعايير كان ضرورياً للتوصل إلى اتفاق هذا الشهر وتجنب نتيجة أسوأ من ذلك. ولكن من غير المنطقي القول إنه يجب على الولايات المتحدة الالتزام بحذافير قرارات الأمم المتحدة في حين لا تلتزم إيران بالقرارات نفسها.
قد تكون جميع هذه الأمور نظرية إن لم تُشكل الأنشطة الصاروخية الإيرانية وتهريب الأسلحة تهديداً للمصالح الأمريكية. فإيران تمتلك ترسانة الصواريخ الباليستية الأكبر والأكثر تقدماً في المنطقة، ويُعتقد أنها تعمل على [تطوير] الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وفي هذا الإطار قال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر هذا الشهر: “السبب أننا نريد أن نمنع إيران من امتلاك برنامج صواريخ باليستية عابرة للقارات لأن [برنامج كهذا] يطال كافة القارات، وهو ما يعني تمتع [هذه الصواريخ] بالقدرة على الطيران من إيران إلى الولايات المتحدة”. وتتطلب الأسلحة النووية أنظمة تسليم، لهذا السبب من المناسب أن يكون برنامج إيران للصواريخ الباليستية جزءاً من اتفاق نووي.
من جهة أخرى، إن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله» و«حماس» و«طالبان» وغيرهم يهدد الاستقرار في الشرق الأوسط. فقد تم تنفيذ هجمات «حزب الله» على إسرائيل عام 2006 عبر استخدام الصواريخ والقذائف الإيرانية. كما أن الصراعات في اليمن وغزة وسوريا تتغذى بالأسلحة الإيرانية، وبالتالي فإن مثل هذا التدخل الإيراني يغذي المظالم السنية التي تعود بالنفع على جماعات أمثال تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية».
وبينما تعمل إيران على [تطوير] صواريخ أكثر تقدماً وتكنولوجيا نووية بالغة الدقة، يصبح من الممكن مشاركة هذه القدرات أيضاً. لدى الولايات المتحدة قوى أخرى لاعتراض شحنات الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية، كما أشار الرئيس أوباما. ولكن الإعتراض يتطلب وجود المخابرات والفرصة، وهذه الأخيرة غالباً ما تشمل الاعتماد على إرادة الدول المجاورة لإيران وقدرتها على المساعدة. وبالتالي، قد تكون هذه المهام أسهل بكثير إذا تم حظر وصول الأسلحة إلى إيران في المقام الأول.
قد تشعر إدارة أوباما بأنه ليس أمامها خيار آخر سوى القبول بالإلغاء التدريجي للعقوبات. ولكن ينبغي أن تُبنى هذه الحجة على حيثياتها الخاصة. فالفكرة أن الولايات المتحدة لم تسعَ قط لمثل هذه الحدود أو أنها كانت مجبرة على رفع العقوبات لا تصمد [أمام الوقائع]. وإذا ما رُفعت هذه العقوبات بشكل كامل من دون أن تتعهد إيران بوقف، أو الحد من كل من الاتجار بالأسلحة وأنشطتها الصاروخية الباليستية، سيتوجب على الرئيس القادم للولايات المتحدة العثور على خيارات مختلفة، تكون أكثر حزماً أو أقل فاعلية على الأرجح، لمواجهة السلوك الإيراني.
مايكل سينغ هو زميل أقدم في زمالة “لين- سويغ” والمدير الإداري في معهد واشنطن. وقد نشرت هذه المقالة في الأصل من على مدونة “ثينك تانك” على موقع الـ “وول ستريت جورنال”.