ضياء الوكيل/ مستشار ومتحدث سابق للقوات المسلحة/( 26 نيسان 2015 الساعة/ 1330)
ما حدث في ناظم تقسيم الثرثار مساء الجمعة وصباح السبت 24-25 نيسان الجاري وسقوط الوحدة العسكرية المسؤولة عن حماية الناظم واستشهاد منتسبيها وتنفيذ الاعدام بمن تبقى من الأسرى بهمجية قل نظيرها في التاريخ.. اضافة الى استشهاد قائد الفرقة الاولى (تدخل سريع) العميد الركن حسن عباس طوفان وآمر لواء وعدد من الضباط والجنود رحمهم الله جميعا.. هذا الحادث الجلل يثير أكثر من علامة استفهام وأسئلة هامة تحتاج الى اجابات شافية وعلى الرغم من المعلومات الشحيحة جدا واجراءات التحقيق التي لم تبدأ بعد الا أننا سنبحث ونحلل في كيفية استشهاد قائد الفرقة والاحتمالات الأكثر ترجيحا في الحادث:
من خلال رصدنا لما يبثه العدو على مواقعه الألكتونية وبنظرة تحليلية متفحصة وجدنا فديو وصورة تعود للشهيد قائد الفرقة الأولى تؤشر اصابته باطلاقة في الراس ومن قريب جدا استنادا للأثار الشديدة البادية على الرأس والوجه ولدى التدقيق الأولي فأن الإصابة من الخلف ولا أرجح القناص مع انه (إحتمال وارد..) لأن الشهيد العقيد هلال أصابته مشابهة، والفرضية الأقرب أنه وقع في كمين محكم استدرج اليه في موقع القوة المحاصرة وأنّه قاتل مع جنوده وهم كما يبدو تعرضوا الى نيران معادية شديدة والتي تظهر في مستوى تدمير المعدات والآليات حتى المصفحة، واستشهد قائد الفرقة بطلقة في الرأس بأسلوب درجت عليه داعش وهذه الفرضية التي يغيب الشهود فيها!!! تثير أسئلة مهمة :
- ان تحرك قائد الفرقة يفترض ان يحاط بحماية قصوى وتكتم شديد فهل حصل ذلك؟؟
- ان حركة رتل القائد والقوة المرافقة له في ظل ما يجري من حركات ومواجهات عسكرية يحتاج الى غطاء من طيران الجيش فهل تم تنفيذ ذلك؟؟
- حركة القائد يرافقها عادة تأمين اتصالات محكمة مع قيادة العمليات والمقر الخلفي والوحدات القريبة لمواجهة أية موقف معادي أو تعرض محتمل… ما مستوى الاتصال والمتابعة والسيطرة؟؟
- عند انقطاع الاتصال مع القائد الشهيد ووحدته المستهدفة ما الإجراءات المتخذة من قيادة الفرقة والعمليات ؟؟
- ان تصريحات قائد عمليات الأنبار في اليوم التالي للحادث عن القيام بهجوم لاستعادة ناظم الثرثار لا يندرج ضمن المعالجة ولا يعدو أكثر من رد فعل متأخر على فعل عدواني خطير!!
- لم يعلم أحد باستشاد قائد الفرقة وضباطه وجنوده وسقوط موقعهم الا بعد اعلان داعش الارهابي ونشره مقاطع فديو وصور عبر مواقعه على الانترنيت وتسويق الخبر في الفضائيات مما صنع وضعا قابلا للاشاعة والتأويل وهذا تقصير في الأداء الاعلامي الوطني والأمني..
ونعتقد أن حركة القائد وقوة الحماية المرافقة له كانت مرصودة والأغلب ان طيران الجيش لم يكن مرافقا وإلا لكانت النتائج مختلفة تماما…
والمعلومات تشير الى انقطاع الإتصال مع رتله مساء الجمعة ورغم خطورة الموقف لم يسجل أي رد فعل سريع لنجدته ولم يعلن عن ذلك…
وقد يكون من المبكر التكهن اذا ما كان قائد الفرقة قد نسق مع قوات التحالف فيما يخص الاسناد والرصد الجوي وهل رافقته طائرات سمتية من طيران الجيش خلال تنفيذه واجب تفقد القطعات وهذا يحتاج الى توضيحات من الجهات المعنية
ومما يلفت انتباه المراقب والمحلل هو احتراق بعض ناقلات الجنود المدرعة والعجلات وبعثرتها الى مسافات بعيدة في موقع الوحدة العسكرية المنكوبة ومستوى التدمير الكبير يثير احتمال تعرضها الى (ضربة جوية) وأقول هذا احتمال يقتضي تقصي حقيقته..
والحادث يعيد الى الذاكرة قضية استشهاد اللواء الركن نجم السوداني قائد الفرقة السادسة رحمه الله عند مشارف مدينة الكرمة العام الماضي ومما يجدر الاشارة اليه في ذلك الحادث أن عجلة قائد الفرقة السادسة اصيبت بقذيفة معادية ولكن كانت مفاجئة ولم تعرف هل هي من الجو أم من نيران برية وما يثير الشكوك أن عجلة القائد هي الوحيدة التي اصيبت من مجموع أكثر من عشرة عجلات وكانت الاصابة مباشرة بحيث أدت الى استشهاد القائد في الحال…
الشهيد البطل اللواء الركن نجم السوداني ( رحمه الله) قائد الفرقة السادسة سابقا
بعض التصريحات الصادرة عن قائد عمليات الأنبار كانت متسرعة في التحدث عن تفجير ناقلة مدرعة مفخخة ادت الى استشهاد قائد الفرقة الأولى وهذا غير دقيق وتنفيه الإصابة الشديدة في رأسه.. وتحدث أيضا عن اعتلاء ارهابيي داعش المرتفعات الترابية لناظم التقسيم وان القيادة ستقوم بعملية عسكرية لتحرير الموقع…. وفي نفس السياق صدرت تصريحات من وزارة الدفاع عن تعرض القائد الشهيد لتفجير صهريج مفخخ وهذا تناقض يفصح عن غياب التنسيق بين قيادة العمليات والوزارة في موضوع الاعلام الذي يعد جبهة الحرب الأخطر…
وأنا هنا لا أفترض نظرية المؤامرة ولكن لا أستبعدها ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية اعترضت على أولوية تحرير الأنبار وهي ترى أن الموصل يجب ان تكون الخطوة التالية لما بعد تكريت والخلافات بشأن الأنبار انتقلت الى العلن بين أقطاب الإدارة الأمريكية ( بيان جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة وتصريحات الجنرال مارتن ديمبسي رئيس اركان الجيوش الأمريكية) وهذا تحدثنا عنه في مقالة سابقة، إضافة الى اعتراض الولايات المتحدة على اشتراك الحشد الشعبي في عمليات تحرير المحافظة ، المطلوب أن تبقى الأنبار منطقة متوترة وغير مستقرة وتشهد عمليات كر وفر وملفها ساخن سياسيا وامنيا ولنا مع هذا الموضوع وقفة لاحقة…
ان استشهاد قائد الفرقة الأولى مع عدد من ضباطه وجنوده ومهما كانت الأسباب التي ستتكشف لاحقا الا انها تعكس صورة جديرة بالاشادة والاعجاب فقائد الفرقة يعلم مستوى المخاطر التي سيواجهها خلال تفقده لوحداته الا انه فضل ان يكون بين جنوده وهم يواجهون عدوان داعش حتى وان أدى ذلك الى استشهاده وهذا ما حصل وهذه الصورة تناقض تماما ما حدث في انتكاسة الموصل..
إنها الجندية العراقية المضحية المعبّرة عن قيم جيش العراق البطل وهؤلاء هم جنوده البسلاء الذين يفدون الوطن ويذودون عنه بدمائهم الزكية وارواحهم الطاهرة الأبية…
ملاحظة هامة: لمواكبة الحدث والتصدي لمخاطره ومواجهة الحرب النفسية المضادة.. اطلعت على المؤتمرات الصحفية والتصريحات الرسمية الصادرة بهذا الشأن وحتى نحسم الجدل ونرد على الشائعات وننفي ماحدث في ناظم تقسيم الثرثار على المعنيين إصطحاب القنوات الفضائية الى موقع الحدث وبث رسائل مباشرة ولقاءات مع المقاتلين من ميدان المعركة فذلك أصدق وأبلغ من المؤتمرات والاتصالات الهاتفية واللقاءات على الفضائيات.. هذه معركة الاعلام الخطيرة ويجب أن يكون الأداء بمستوى التحدي المصيري الذي يواجهه العراق وجيشه وشعبه…
( هذا تحليل أولي قد يكون صائبا أو مخطئا ونترك للسادة القراء الكرام حرية التعليق أو الإضافة أو التصويب مع الشكر للجميع )
راسلونا على العناوين الآتية:
http://www.dheyaa-alwakel.com/